ولا زلنا على ذكر مما دار في مجلس عمر بن عبد العزيز من حوار بين عمر وبين علمائه من جهة، وبين أبي قلابة وعنبسة بن سعيد من جهة أخرى وكيف استهدف عمر بيان وجه الحق فيما لولي الأمر من حق في العقوبة خاصة في ضوء تشريع القسامة من ناجة وما جاء عن عقوبة العرنيين من جهة أخرى وكيف كان تقبله لقوة حجة أبى قلابة في مواجهة ما اتجه إليه عنبسة وكيف كانت شجاعة أبي قلابة في دفاعه عن الرسول، وتوضيحه لأبعاد الموقف وكيف ترفق في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع عمر بن عبد العزيز وكيف استند إلى قوة الحجة وانتقل من مثال إلى مثال حتى يقنع عمر بحسن التأتي، وحكمة المنطق، وأقنعه فعلًا وحاج عنبسة فحجه حتى أشاد عنبسة بحفظه وبمكانته العلمية وأن الناس لن يزالوا بخير ما دام فيهم مثل أبي قلابة. وانتهى الملأ مع عمر بن عبد العزيز على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما صنع ما صنع مع العرنيين لا لمجرد أنهم عصوا وإنما لأنهم ارتدوا وحاربوا الله ورسوله. فليس لحاكم في المسلمين أن يتخذ هذا ذريعة للبطش والتنكيل بمن استقبل قبلتنا، وصلى صلاتنا وشهد أَنْ لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله؟!. وليس لحاقد على الإسلام أن يتخذ هذا ذريعة للنيل من نبي الإسلام فقد عرفنا ماذا صنع العرنيون، ثم قد عرفنا أن ذلك كان قبل أن تنزل الحدود، كما كان قبل النهي عن المثلة. ولو سلمنا أنه كان بعد النهي عن المثلة فقد كان قصاصا منهم قبل أن يكون مثلة بهم، والله أعلم. وحديث أنس أخرجه مسلم في صحيحه: ٢٨ - كتاب القسامة: ٢ - باب حكم المحاربين والمرتدين ٣/ ١٢٩٦ - ١٢٩٨ ح ٩، ١٠، ١١، ١٢، ١٣، ١٤ وعنده: فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة فتشربوا من ألبانها وأبوالها" ففعلوا فصحوا ثم مالوا على الرعاة فقتلوهم وارتدوا عن الإسلام وساقوا ذود رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ": "وعنده شباب من الأنصار قريب من عشرين فأرسلهم إليهم، وبعث معهم قائفًا يقتص أثرهم". وقول أنس: "إنما سمل النبي - صلى الله عليه وسلم - أعين أولئك لأنهم سملوا أعين الرعاء. (١) في كتاب الطهارة: باب ما جاء في بول ما يؤكل لحمه ١/ ١٠٦ - ١٠٧. (٢) في كتاب تحريم الدم: باب تأويل قول الله عز وجل {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ} ٧/ ٩٣ - ١٠١. (٣) سقط من ر.