للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتاره: الغضبُ لله على انتهاك محارمه.

وتارة: النصيحة للمؤمنين، والرحمة لهم، ورجاء إنقاذهم مما أوقعوا أنفسهما فيه من التعرض لغضب الله وعقوبته في الدنيا والآخرة.

وتارة: يحمل عليه: إجلال الله وإعظامه ومحبته وأنه أهل أن يطاع فلا يُعْصَى ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر، وأنه يفتدى من انتهاك محارِمه بالنفوس والأموال.

• كما قال بعض السلف: وددت أن الخلق كلّهم أطاعوا الله، وأن لحمي قُرِضَ بالمقاريضَ (١).

وكان عبد الملك بنُ عمرَ بن عبد العزيز رحمهما الله يقول لأبيه: وددت أنى غلت بي وبك القُدورُ في الله تعالى.

[[كيف يهون الأذى على الآمر والناهي؟]]

ومن لحظ هذا المقام والذي قبله هان عليه كلُّ ما يلقى من الأذى في الله تعالى، وربما دعا لمن آذاه كما قال ذلك النبي صلَّى الله عليه وآله وسلم لمّا ضَرَبَهُ قومُه فجعل يمسحُ الدَّمَ عن وجهه ويقول "رب اغفر لقومى؛ فإنهم لا يعلمون" (٢).


(١) أورده أبو نعيم في الحلية ١٠/ ١٤٧ - ١٥٠ في أواخر ترجمة أبي عبد الرحمن: زهير بن نعيم البابي من قوله.
(٢) أخرجه البيهقي في دلائل النبوة ٣/ ٢١٥ تعليقًا بصيغة الجزم عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكره.
وأورده ابن حجر في الفتح ٧/ ٣٧٢ - ٣٧٣ عن ابن عائذ من طريق الأوزاعي: بلغنا أنه لما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد أخذ شيئًا فجعل ينشف به دمه وقال: لو وقع منه شيء على الأرض لنزل عليكم العذاب من السماء، ثم قال: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.
ثم أورده في الموضع نفسه عن الطبراني من حديث أبي حازم عن سهل بن سعد وفيه سبب مجيء فاطمة الزهراء إلى أحد ولفظه "لما كان يوم أحد وانصرف المشركون خرج النساء إلى الصحابة يعينونهم، فكانت فاطمة فيمن خرج، فلما رأت النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتنقته وجعلت تغسل جراحاته بالماء فيزداد الدم، فلما رأت ذلك أخذت شيئًا من حصير فأحرقته بالنار، وكمدته به حتى لصق بالجرح فاستمسك الدم".
وله من طريق، زهير بن محمد عن أبي حازم: "فأُحرقت حصيرًا حتى صارت رمادًا، فأخذت من ذلك الرماد، فوضعته فيه حتى رقأ الدم" وقال في آخر الحديث: ثم قال يومئذ: "اشتد غضب الله على قوم دمّوا وجه رسوله" ثم مكث ساعة، ثم قال: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون".
وأصل الحديث في صحيح البخاري: ٦٤ - كتاب المغازي: ٢٤ - باب ما أصاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من الجراح يوم أحد ٧/ ٣٧٢ ح ٤٠٧٥ من حديث أبي حازم، عن سهل وله شاهد من حديث أبي هريرة رقم ٤٠٧٣، ومن حديث ابن عباس رقم ٤٠٧٤ في الموضع نفسه ومن حديث ابن مسعود ٣٤٧٧، ٦٩٢٩.
وحديث سهل بن سعد أورده الهيثمي في مجمع الزوائد ٦/ ١١٧ مختصرًا على اللفظ الذي أورده ابن رجب وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. =

<<  <  ج: ص:  >  >>