للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[التقرب بالفرائض ثم بالنوافل]]

وقوله: "وما تقرب إليَّ عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حَتَّى أُحِبَّه" (١).

لما ذكر أن معاداةَ أوليائه محاربةٌ له - ذكر بعد ذلكَ وصْفَ أوليائِه الذين تَحْرُمُ معاداتُهم، وتَجِبُ موالاتُهم؛ فذكر ما يتقرب به إليه.

وأصل الولاية: القرب، وأصل العداوة (٢): البعدُ؛ فأولياءُ الله: هُمُ الذين يتقربون إليه بما يقربهم مِنْهُ، وأعدَاؤه: الذين أبعدهم عنه (٣) بأعمالهم المقتضية لطردهم، وإِبعادهم، منه، فقسم أولياءه المتقربين (٤) قسمين:

[الأولياء قسمان]:

• أحدهما: من يتقرب إليه بأداء الفرائض، ويشمل ذلك فعلَ الواجبات، وتركَ المحرمات؛ لأن ذلك كلَّه من فرائض الله التي افترضها على عباده.

• والثاني: من يتقرَّب إليه بعد الفرائض بالنوافل.

فظهر بذلك أنه لا (٥) طريق يُوصِل إلى التقرب إلى الله تعالى، وموالاتِه ومحبته سوى طاعته التي شرعها على لسان رسوله.

فمن ادعى ولاية الله والتقرب إليه (٦) ومحبته بغير هذه الطريق؛ تبيّن أنه كاذبٌ في دعواه؛ كما كان المشركون يتقربون إلى الله تعالى بعبادة مَنْ يعبدونه مِنْ دُونه؛ كما حكى الله عنهما أنهم قالوا: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (٧).

وكما حكى الله عن اليهود والنصارى أنهم قالوا: {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} (٨) مع إصرارهم على تكذيب رسلهِ، وارتكاب نواهيه، وتركِ فرائضِه.

فلذلك ذكَر في هذا الحديث أن أولياء الله على درجتين.

[ثم هم درجتان]:

• إحداهما: المُتقَرِّبُونَ إليْهِ بأدَاءِ الفَرَائض.


(١) م: "يقرب".
(٢) م: "وأصل الموالاة … المعاداة".
(٣) م: "منه".
(٤) م: "المقربين".
(٥) م: "فظهر بذلك إلى أن دعوى طريق".
(٦) ليست في م.
(٧) سورة الزمر: ٣.
(٨) سورة المائدة: ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>