للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• وقد روي عن بشر ما يشعر بخلاف هذا، فروى (١) أبو نعيم في الحلية (٢): أن بشرًا سئل عن التوكل فقال: اضطراب بلا سكون، وسكون بلا اضطراب فقال له السائل: فسره لنا حتى نفقه؟ قال بشر: اضطراب بلا سكون، رجل يَضْطَرب (٣) بجوارحه وقلبه ساكن إلى اللّه، لا إلى عمله، وسكون بلا اضطراب، فرَجُلٌ (٤) ساكن إلى اللّه بلا حركة.

وهذا عزيز، وهو من صفات الأبدال.

* * *

[[من لم يصل إلى المقامات العالية]]

وبكل حال، فمن لم يصل إلى هذه المقامات العالية، فلابد له من معاناة الأسباب لا سيما مَن له عيال لا يصبرون؛ وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت" (٥).

• وكان بشر يقول: لو كان لي عيالٌ؛ لعملتُ واكتسبتُ.

[من ضيع بترك الأسباب حقًّا]:

وكذلك من ضيّع بتركه للأسباب (٦) حقًّا له، ولم يكن راضيًا بفوات حقه، فإن هذا عاجزٌ مفرط.

• وفي مثل هذا جاء قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمنُ القويّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللّه من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، وأحرصْ علَى ما ينفَعُك واستعِنْ باللّه ولا تعجِز؛ فإن أصابك شيء فلا تقل (٧): لو أني فعلت كذا لكان كذا (٨) ولكن قُلْ: قَدّر اللّه وما شَاءَ


(١) "ا": "روى".
(٢) في ترجمته لبشر بن الحارث ٨/ ٣٣٦ - ٣٦٠ والرواية المشار إليها ص ٣٥١.
(٣) م: "تضطرب جوارحه".
(٤) م: "رجل".
(٥) رواه أحمد في المسند ٩/ ٢٥٧ (المعارف) بإسناد صحيح كما ذكر محققه الشيخ أحمد شاكر. وأبو داود في السنن: ٣ - كتاب الزكاة: ٤٥ - باب في صلة الرحم ٢/ ٣٢١ ح ١٦٩٢.
والحاكم في المستدرك ١/ ٤١٥ وصححه على شرط الشيخين وأقره الذهبي.
والبيهقي في السنن ٧/ ٤٦٧.
كلهم من حديث عبد اللّه بن عمرو.
وأخرجه البيهقي من حديث جابر في السنن ٩/ ٢٥.
(٦) ظ: "بتركه الأسباب".
(٧) "ا": "تقولن" وما أثبتناه هو الموافق لما في مسلم.
(٨) "ا": "لو أني فعلت كذا" وفي صحيح مسلم: "لو أني فعلت كان كذا وكذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>