للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• وفي صحيح البخاري (١) عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من بدَّل دينَه فاقتلوه" (٢).

[[هل يفرق بين الرجل والمرأة في حد الردة؟].]

ولا فرق في هذا بين الرجل والمرأة عند أكثر العلماء. ومنهم من قال: لا تقتل المرأة إذا ارتدت كما لا تقتل نساءُ أهل دار (٣) الحرب في الحرب، وإنما يُقْتَل رجالهم.

وهذا قول أبى حنيفة وأصحابه، وجعلوا الكفر الطارئ كالأصلي. والجمهور فرقوا بينهما، وجعلوا الطارئ أغلظ لما سبقه من الإسلام؛ ولهذا يقتل بالردة عنه من لا يقتل من أهل الحرب، كالشيخ الفاني والزَّمِن والأعمى، ولا يُقْتَلون في الحرب.

* * *

[[قبول توبة المرتد].]

• وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "التَّارك لِدِينه المفَارقُ للجَمَاعة" يدل على أنه لو تاب ورجع إلى الإسلام لا (٤) يقتل؛ لأنه ليس بتاركٍ لدينه بعد رجوعه، ولا مفارقٍ للجماعة.

فإن قيل: بل استثناء هذا ممن يُعْصَمُ دَمُه من أهل الشهادتين يدل على أنه يقتل ولو كان مقرا بالشهادتين، كما يقتل الزاني المحصَن، وقاتل النفس، وهذا يدل على أن المرتد لا تقبل توبته، كما حكي عن الحسن، أو أن يحمل ذلك على من ارتد ممن ولد على الإسلام، فإنه لا تقبل توبته.

وإنما تقبل توبة من كان كافرًا، ثم أسلم، ثم ارتد على قول طائفة من العلماء منهم الليث بن سعد، وأحمد في رواية عنه، وإسحاق.

قيل: إنما استثناه من المسلمين باعتبار ما كان عليه قبل مفارقة دينه، كما سبق تقريره، وليس هذا كالثيب الزاني، وقاتل النفس؛ لأن قتلهما وجب عقوبةً لجريمتهما الماضية ولا يمكن تلافى ذلك.


(١) سقطت من المطبوعة.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم: باب حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم ١٢/ ٢٦٧ من طريق حماد بن زيد عن أيوب، عن عكرمة قال: أتى علي رضي الله عنه بزنادقة فأحرقهم، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تعذبوا بعذاب الله"، ولقتلتهم لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من بدل دينه فاقتلوه".
(٣) من هنا إلى قوله: "ولكن يقال" سقط من "أ".
(٤) ب: "لم".

<<  <  ج: ص:  >  >>