للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما المرتد؛ فإنما قتل لوصف قائم به في الحال، وهو ترك دينه، ومفارقة الجماعة.

فإذا عاد إلى دينه، وإلى موافقته للجماعة فالوصف الذي أبيح به دمه قد انتفى، فتزول إباحة دمه. والله أعلم.

* * *

• فإن قيل: فقد خرَّج النسائي من حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:

"لا يَحِل دمُ امرئٍ مُسلم إلا بإحدَى ثلاث خِصال: زَانٍ محصَن يُرجم، ورَجُلٌ قتل [رجلا] (١) متعمدًا فَيُقَتل (٢)، ورجل يخرجُ من الإسلام يحارب (٣) الله [عز وجل] ورسوله، فيقتلُ أو يُصَلَّب أو يُنْفَى من الأرْض" (٤).

وهذا يدل على أن المراد من جمع بين الردة والمحاربة.

• قيل: قد خرج أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها بلفظ آخر وهو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:

"لا يَحلُّ دَم امْريءٍ مُسلم يشهَد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسُولُ الله إلا في (٥) إحدى ثَلاث: رَجُلٌ زَنَى بَعد إحْصَان فإنه يُرجم. ورَجُل خرج مُحاربًا لله ورسوله فإنه يُقْتَل أو يصلب أو ينفى من الأرض. أو يقتل نفسًا فيقتل بها (٦) ".

وهذا يدل على أن من وجد منه الحراب من المسلمين خُيِّر الإمام فيه مطلقًا، كما يقوله علماء أهل المدينة، مالك وغيره.

والرواية الأولى قد تحمل على أن المراد بخروجه عن الإسلام: خروجه عن أحكام الإسلام، وقد تحمل على ظاهرها.

ويستدل (٧) بذلك من يقول: إن آية المحاربة تختص بالمرتدين، فمن ارتد وحارب


(١) من النسائي وفيه: أو رجل …
(٢) الحديث أخرجه النسائي في السنن من حديث عائشة في كتاب تحريم الدم: باب الصلب ٧/ ١٠١ - ١٠٢.
(٣) في م. هـ: "فحارب" عامة النسخ: "حارب" والتصويب من النسائي.
(٤) الحديث أخرجه النسائي أيضًا في أبواب القسامة: باب سقوط القود من المسلم للكافر ٨/ ٢٣.
(٥) في سنن أبي داود: "إلا بإحدى ثلاث" وفي ب: "زنا بعد إحصان" والتصويب من السنن.
(٦) الحديث أخرجه أبو داود في كتاب الحدود، باب الحكم فيمن ارتد ٤/ ٥٢٢ - ٥٢٣.
وفي ب، ر، ظ، ل سقطت كلمة رجل أول الحديث وهي في السنن.
(٧) في م، هـ: "وقد يستدل".

<<  <  ج: ص:  >  >>