للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن يحرم الغناء كأحمد ومالك فإنهما يقولان: إذا بيعت الأمة المغنية، تباع على أنها ساذجة، ولا يؤخذ لغنائها ثمن، ولو كانت الجارية ليتيم، ونص على ذلك أحمد.

ولا يَمنع الغناء من أصل بيع العبد والأمة؛ لأن الانتفاعَ به في غير الغناء حاصل بالخدمة وغيرها.

وهو من أعظم مقاصد الرقيق.

نعم لو علم أن المشتري لا يشتريه إلا للمنفعة المحرمة منه، لم يجز بيعه له عند الإمام أحمد، وغيره من العلماء، كما لا يجوز بيعُ العَصير ممن يتخذه خمرًا، ولا بيع السلاح في الفتنة، ولا بيعُ الرياحين والأقداح لمن يعلم أنه يشرب عليها الخمر، أو الغلام لمن يعلم منه الفاحشة.

* * *

[[والقسم الثاني ما ينتفع به مع إتلاف عينه]]

• القسم الثاني: ما (١) ينتفع به مع إتلاف عينه.

فإذا كان المقصود الأعظم منه محرمًا فإنه يحرم بيعه كما يحرم بيع الخنزير والخمر والميتة مع أن في بعضها منافع غير محرمة؛ كأكل الميتة للمضطر، ودفع الغصة بالخمر، وإطفاء الحريق به، والخرْز بشعر الحرير عند قوم، والانتفاع بشعره وجلده عند من يرى ذلك؛ ولكن لما كانت هذه المنافع غير مقصودة لم يعبأ بها، وحرم البيع؛ لكون المقصود الأعظم من الخنزير والميتة أكلهما. ومن الخمر شربها، ولم يلتفت إلى ما عدا ذلك، وقد أشار - صلى اللّه عليه وآله وسلم - إلى هذا المعنى لما قيل له: أرأيت شحوم الميتة؛ فإنها يطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس، فقال: "لا؛ هو حرام" (٢).

* * *


= رواه الطبراني وفيه يزيد بن عبد الملك النوفلي وهو متروك، ضعفه جمهور الأئمة، ونقل عن ابن معين في رواية: لا بأس به، وضعفه في أخرى.
وعن علي قال: نهى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - عن بيع المغنيات والنواحات وشرائهن وبيعهن، وقال: "كسبهن حرام".
رواه أبو يعلى وفيه ابن نبهان وهو متروك.
(١) م: "لا ينتفع".
(٢) هو حديث جابر (الخامس والأربعون)، والذي تقدم سياقه ص ١٢٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>