للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثبت عليه عمر رضي الله عنه حتى دخل الجنة.

* * *

[[ما جمع عمر عليه الصحابة]]

وبكل حال فما جمع عُمَرُ عليه الصحابةَ فاجتمعوا عليه في عصره؛ فلا شك أنه الحق، ولو خالفه فيه بعد ذلك من خالفه، كقضائه في مسائلَ من الفرائضِ كالعَوْل، وفي زوجٍ وأبوين، وزوجةٍ وأبوين: أن للأم ثُلُثَ الباقي.

وكقضائِه فيمن جامع في إحرامه: أنه يَمضي في نُسُكه، وعليه القضاء والهدي.

ومثل ما قضى به في امرأة المفقود، ووافقه غيره من الخلفاء أيضًا.

ومثل ما جمع عليه الناس في الطلاق الثلاث، وفي تحريم مُتْعة النساء.

ومثل ما فعله من وضع الديوان، ووضع الخراج على أرض العَنْوة، وعقد الذمة لأهل الذمة بالشروط التي شرطها عليهم ونحو ذلك.

ويشهد لصحة ما جمع عليه عمرُ أصحابَه، فاجتمعوا عليه رضي الله عنهم، ولم يُخالَفْ في وقته: قولُ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "رأيتُني في المنام أنزِعُ على قليبٍ (١)، فجاء أبو بكر فنَزَعَ ذَنُوبًا أر ذَنُوبَيْن (٢)، وفي نزعه ضعف (٣)، والله يغفر له، ثم جاء عمر بن الخطاب


(١) في إحدى روايات الحديث عند البخاري: "بينا أنا على بئر أنزع منها" وعنده كذلك بينا أنا قائم رأيت أني على حوض أسقي الناس، والجمع بين هذه الروايات: أن القليب هو البئر القلوب ترابها قبل الطي، والحوض هو الذي يجعل بجانب البئر لشرب الإبل.
وفي النهاية: القليب هو البئر التي لم تطو.
ومعنى قوله: أنزع: أستخرج منها الماء بآلة كالدلو، أو كما قال ابن الأثير: "رأيتني أنزع على قليب" أي أستقي منه الماء باليد، نزعت الدلو أنزعها نزعا، إذا أخرجتها، وأصل النزع: الجذب والقلع، ومنه نزع الميت روحه، ونزع القوس إذا جذبها.
(٢) الذنوب: الدلو الكبيرة، قال ابن حجر: واتفق من شرح هذا الحديث على أن ذكر الذنوب إشارة إلى مدة خلافة أبي بكر، وفي هذا نظر. لأنه ولي سنتين وبعض سنة، فلو كان ذلك المراد لقال ذنوبين أو ثلاثة، والذي يظهر لي أن ذلك إشارة إلى ما فتح في زمانه من الفتوح الكبار، وهي ثلاثة، ولذلك لم يتعرض في ذكر عمر إلى عدد ما نزعه من الدلاء، وإنما وصف نزعه بالعظمة إشارة إلى كثرة ما وقع في خلافته من الفتوحات.
ثم أورد تفسير الشافعي لقوله "وفي نزعه ضعف" وكيف أن ذلك إشارة إلى قصر مدته، وعجلة موته، وشغله بالحرب لأهل الردة عن الافتتاح والازدياد والذي بلغه عمر في طول مدته.
(٣) قال ابن حجر: يحتمل أن يكون فيه إشارة إلى أن قلة الفتوح في زمانه لا صنع له فيه، لأن سببه قصر مدته، فمعنى المغفرة له: رفع الملامة عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>