للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يضرُّه بغير خلاف؛ فإن استرسل معه فهل يَحْبَطُ عَمَلُه أم لا يضره ذلك ويُجَازَى على أصل نيته؟ في ذلك اختلاف بين العلماء من السلف؛ قد حكاه الإمام أحمد، وابن جرير الطبري، ورجَّحا أن عمله لا يبطل بذلك، وأنه يجازَى بنيته الأولى، وهو مروي عن الحسن البصري وغيره.

• ويُستْدل لهذا القول بما خرجه أبو داود في مراسيله (١) عن عطاء الخراساني:

أَنَّ رجُلًا قَالَ: يَا رَسُول الله! إنَّ بنى سَلمةَ كُلَّهُمْ يُقَاتِلُ؛ فَمِنْهم مَنْ يُقَاتِل للدنْيا، وَمِنْهُمْ مَن يُقَاتلُ نَجْدَةً، وَمِنْهُمْ مَنْ يُقَاتلُ ابْتَغَاءَ وَجْه الله؛ فأيُّهُمْ الشَّهِيدُ؟ قَال: "كُلّهُمْ إِذا كَانَ أصْلُ أمْرِهِ: أَنْ تَكُونَ كَلَمةُ الله هِيَ الْعُلْيَا".

* * *

[[فيم يختلف العلماء في هذا؟]]

• وذكر ابن جرير: أن هذا الاختلاف إنما هو في عمل يرتبط آخره بأوله كالصلاة والصيام والحج.

فأما مالا ارتباط فيه كالقراءة، والذكر، وإنفاق المال، ونشر العلم؛ فإنه ينقطع بنيّة الرياء الطارئة عليه، ويحتاج إلى تجديد نية.

* * *

وكذلك روى عن سليمان بن داود الهاشمي أنه قال: ربما أُحَدِّث بحديث ولي فيه نية، فإذا أتيت على بعضه تغيرت نيتي؛ فإذا الحديث الواحد يحتاج إلى نيات.

* * *

• ولا يَرِدُ على هذا: الجهادُ، كما في مرسل عطاء الخُرَساني؛ فإن الجهاد يلزم بحضور الصف، ولا يجوز تركه حينئذ فيصير كالحج.

* * *

[العمل لله ثم يُلقِي الله له الثناء الحسن]:

فأما إذا عمل لله خالصًا ثم ألقى الله له الثناءَ الحسنَ في قلوب المؤمنين بذلك ففرح


(١) في فضل الجهاد ص ١٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>