للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• وقال علي رضي اللّه عنه (١): "لا يرجُوَن عَبدٌ إلا رَبّه، ولا يخافنَّ إلا ذنبه ".

فاللّه سبحانه إذا أراد توفيق عبد وهدايتَه أعانه، ووفّقه لطاعته، وَكان (٢) ذلك فضلًا منه، وإذا أراد خِذْلانَ عبدٍ وكَله إلى نفسه، وخَلَّى بينه وبينها، فأغواه الشيطان لغفلته عن ذكر اللّه، واتَّبع هواه وكان أَمْرُهُ فرُطًا، وكان ذلك عدلًا منه؛ فإن الحجة قائمة على العبد بإنزال الكتابِ، وإرسال الرسول. فما بقي لأَحدٍ من الناس على اللّه حُجَّةٌ بعد الرسل.

* * *

[[احتمالان في تفسير الجملة]]

• فقوله بعد هذا: " فمن وجد خيرًا فليحمد اللّه ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ".

[[الاحتمال الأول]]

• إن حصان المراد مَنْ وجد ذلك في الدنيا فإنه يكون حينئذ مأمورًا بالحمد للّه على ما وجده من جزاء الأعمال الصالحة الذي عُجِّلَ (٣) له في الدنيا كما قال: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (٤)، ويكون مأمورًا بلوم نفسه على ما فعلت منِ الذنوب التي وجد عاقبتَها في الدُّنْيَا كما قال تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (٥).

فالمؤمن إذا أصابه في الدنيا بلاء رجع إلى (٦) نفسه باللَّوم، ودعاه ذلك إلى الرجوع إلى اللّه بالتوبة والاستغفار.

* * *


(١) نهج البلاغة ٣٧٥ من وصية جامعة له رضي اللّه عنه يقول فيها: " أوصيكم بخمس لو ضربتم إليها آباط الإبل لكانت لذلك أهلا: لا يرجون أحد منكم إلا ربه، ولا يخافن إلا ذنبه، ولا يستحين أحد منكم إذا سئل عما لما يعلم أن يقول: لما أعلم، ولا يستحين أحد إذا لم يعلم الشيء أن يتعلمه، وعليكم بالصبر؛ فإن الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد، ولا خير في جسد لما رأس معه، ولا إيمان لمن لا صبر معه! ".
(٢) ش: فكان.
(٣) " ا ": " عجلت ".
(٤) سورة النحل: ٩٧.
(٥) سورة السجدة: ٢١.
(٦) ش: "على".

<<  <  ج: ص:  >  >>