للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الذي (١) قد أنعم عليه فشكر، وإذا ابتلى فصبر، وحبس النعمة كيف يكون زاهدًا؟ فقال: "اسكت! من لم تمنعه النعماء من الشكر، ولا البلوى من الصبر، فذلك الزاهد! ".

• وقال ربيعة: "رأس الزهادة جمع الأشياء بحقها، ووضعُها في حقها (٢) ".

• وقال سفيان الثوري رحمه الله: الزهد في الدنيا قصر الأمل، ليس بأكل الغليظ، ولا بلبس العباء.

وقال: وكان من دعائهم: اللهم زَهِّدْنَا في الدنيا، ووسع علينا منها، ولا تزوها عنا (٣) فترغِّبَنَا فيها وكذا (٤) قال الإمام أحمد: "الزُّهْدُ في الدنيا قِصَرُ الأمَلِ".

وقال مرة: "قِصَرُ الأمَلِ، واليأسُ مما في أيدي الناس".

ووجه هذا: أن قِصَر الأمَلِ يُوجِبُ محبة لقاء الله (٥) بالخروج من الدنيا، وطول الأملِ يقتضي محبة البقاء فيها؛ فمن قصر أمله فقد كره البقاء في الدنيا.

وهذا نهاية الزهد فيها، والإعراض عنها.

واستدل ابنُ عيينة لهذا بقوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ - إلى قوله - وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} (٦) الآية.

• وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن الضحاك بن مُزَاحم قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل فقال: "يا رسول الله: من أزهد الناس؟ فقال: من لم ينس القبر والبلى وترك أفضل (٧) زينة الدنيا وآثر ما يبقى على ما يفنى، ولم يَعُدَّ غَدًا من أيامه، وعَدّ نفسه من الموتى".

وهذا مرسل (٨).

* * *

[[أقسام الزهد]]

وقد قسم كثير من السلف الزهد أقسامًا فمنهم من قال: أفضل الزهد: الزهدُ في


(١) ليست في "ا"، ولا في ب.
(٢) الخبر في الحلية ٣/ ٢٥٩.
(٣) م: "ولا تردها عنا، ورواه الفضيل بن عياض كما في ذم الدنيا ١٧٢.
(٤) م: "وكذا".
(٥) م: "محبة الله ولقاءه".
(٦) سورة البقرة: ٩٤ - ٩٦.
(٧) سقطت من م.
(٨) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ١٣/ ٢٢٣ هن رواية أبي معاوية، عن سليمان بن فروخ عن الضحاك بن مزاحم قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل … فذكره بنحوه. وانظر الإتحاف ١٠/ ٣٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>