للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إكراهًا معتبرًا: أن له أن يفتديَ نفسه به، ولا إثم عليه، وقد دلَّ عليه قول الله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} (١).

• وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعمّار: "إن عادوا (٢) فعُد".

وكان المشركون قد عذبوه حتى يوافقهم على ما يريدونه من الكفر؛ ففعل.

وأما ما ورد (٣) عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه وصَّى طائفة من أصحابه فقال:

"لا تشركوا باللّه شيئًا وإن قطعتم وحرِّقتُم" (٤) فالمراد الشرك بالقلوب كما قال الله تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا} (٥)، وقال تعالى: {وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ} (٦).

• وسائر الأقوال يتصور عليها الإكراه.

فإذا أكره بغير حق على قول من الأقوال لم يترتب عليه حكم من الأحكام، وكان لغوًا، فإن كلام المُكْرَهِ صدر منه وهو غير راضٍ به فلذلك عُفي عنه، ولم يؤاخذ به في أحكام الدنيا والآخرة.

• وبهذا فارق الناسي والجاهل.

وسواء في ذلك العقود: كالبيع، والنكاح، أو الفسوخ: كالخُلْع، والطلاق، والعِتاق، وكذلك: الأيمان والنذور.

وهذا قول جمهور العلماء، وهو قول مالك والشافعي وأحمد.


(١) سورة النحل: ١٠٦.
(٢) راجع ما أورده السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٣٢ وابن كثير في التفسير ٢/ ٣٤٦ - ٣٤٨ من المختصر.
(٣) "ا": "روى".
(٤) ورواه ابن ماجه في السنن: ٣٦ - كتاب الفتن: ٢٣ - باب الصبر على البلاء ٢/ ١٣٣٩ ح ٤٠٣٤ من طريق الحسين بن الحسن المروزي، عن ابن أبي عدي، ومن طريق إبراهيم بن سعيد الجوهري، عن عبد الوهاب بن عطاء كلاهما عن راشد الحماني، عن شهر بن حوشب، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، قال: أوصاني خليلي أن لا تشرك بالله شيئًا وإن قطعت وحرقت، ولا تترك صلاة مكتوبة، متعمدًا، فمن تركها متعمدًا؛ فقد برئت منه الذمة، ولا تشرب الخمر؛ فإنها مفتاح كل شر".
وأورده البوصيري في الزوائد ٢/ ٣٠٤ - ٣٠٥ وعقب عليه بقوله: هذا إسناد حسن؛ شهر مختلف فيه.
(٥) سورة لقمان: ١٥.
(٦) سورة النحل: ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>