للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• وقد وصف الله المنافقين بالمخادعة، ولقد أحسن أبو العتاهية في قوله:

لَيْسَ دُنْيَا إلا بِدينٍ وليس الدّ … ينُ إلا مكارمَ الأخلاقِ

إنَّمَا المَكْرُ والخدِيعةُ في النّا … رِ هُمَا مِنْ خِصَالِ أهْلِ النّفاقِ

• ولما تقرر عند الصحابة رضي الله عنهم: أنّ النفاقَ هو اختلافُ السّر والعلانية خَشِيَ بعضهم علَى نفسه أن يكون إذا تغير عليه حُضُورُ قلبه ورقَّتُه وخشُوعه عند سماع الذكر برجوعه إلى الدنيا والاشتغال بالأهل والأولاد والأموال أن يكون ذلك منه نفاقًا، كما في صحيح مسلم عن حنظلة الأُسَيْدي أَنه مرَّ به أبو بكر (١) - رضي الله عنه - وهو يبكي فقال: ما لك؟. قال: نافق حنظلة يا أبا بكر! نكونُ عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكّرنا بالجنة والنار كأنّا رأيُ عَين، فإذا رجَعْنَا عافَسْنَا الأزواجَ والضيعة (٢) فنسينا كثيرًا، قال أبو بكر: فوالله إنا لكذلك، فانطلقا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما لك يا حنظلة؟! قال: نافق حنظلة يا رسول الله! وذكر له مثل ما قال لأبي بكر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لو تدومون على الحال التي تقومُون بها من عندي لصَافحتكم الملائكة في مَجَالِسِكُم وفي طُرُقِكُم ولكن يا حنظلة! ساعةً وساعةً (٣).


= الجمحي، عن عثمان بن الهيثم، عن أبيه، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - … فذكره.
وعقب عليه أبو نعيم بقوله: غريب من حديث عاصم، تفرد به عثمان، ولم نكتبه؛ إلا من حديث الفضل بن الحباب.
وهو عند القضاعي في مسند الشهاب ح ٢٥٣، ٢٥٤ من رواية الفضل بن الحباب.
وقد أورده الشيخ الألباني في الصحيحة ٣/ ٤٨ - ٤٩ والإرواء ٥/ ١٦٤ واستظهر أن إسناده حسن، وأن جملتي الحديث لهما شواهد بمجموعها يرقى الحديث إلى الصحيح. وراجع الموسوعة ٨/ ٤١١، ٤١٢.
(١) "ا": "مر بأبي بكر".
(٢) م: "والصبية" وكلاهما في الحديث؛ ففي صحيح مسلم: "عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات"؛ فالمحكي من ابن رجب على المعنى لا على اللفظ.
وعافسنا: أي مارسنا معايشنا وحظوظنا، والضيعة: معاش الرجل من مال أو حرفة أو صناعة.
(٣) هذا معنى حديث رواه مسلم في: ٤٩ - كتاب التوبة: ٣ - باب فضل دوام الذكر والفكر في أمور الآخرة والمراقبة، وجواز ترك ذلك في بعض الأوقات، والاشتغال بالدنيا ٤/ ٢١٠٦ - ٢١٠٧ ح ١٢ - (٢٧٥٠)، ١٣ - ( … ).
وفي الرواية الأولى: "والذي نفسي بيده! أن لو تدومون على ما تكونون عندي، وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة! ساعة وساعة" ثلاث مرات، وفي الثانية: يا حنظلة! ساعة وساعة، ولو كانت تكون قلوبكم كما تكون عند الذكر لصافحتكم الملائكة حتى تسلم عليكم في الطرق".

<<  <  ج: ص:  >  >>