للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• وفي رواية للترمذي في هذا الحديث: "فَمَنْ تَركَها اسْتِبْراءً لدِينِه وَعرضِهِ فَقَدْ سَلِمَ" (١).

والمعنى: أن منْ تركها بهذا القصد وهو براءة دينه وعرضه عن النقص لا لغرض آخر فاسد من رياء ونحوه.

وفيه دليل على أن طلب البراءة للعرض ممدوح كطلب البراءة للدين ولهذا ورد: كل ما وقى به المرء عرضه فهو صدقة.

• وفي رواية الصحيحين في هذا الحديث: "فَمَنْ تَركَ مَا يَشْتَبِهُ عَلَيْه مِنَ الإِثْمِ كَانَ لِمَا اسْتَبَانَ أَتْرك" (٢).

يعني من ترك الإثم مع اشتباهه عليه وعدم تحققه فهو أولى بتركه إذا استبان له أنه إثم، وهذا إذا كان تركه تحرزا من الإثم فأما من يقصد التصنع للناس فإنه لا يترك إلا ما يظن أنه ممدوح عندهم.

القسم الثاني من يقع في الشبهات مع كونها مشتبهة عنده فأما من أتى شيئًا مما يظنه أناس شبهة لعلمه بأنه حلال في نفس الأمر فلا حرج عليه من الله في ذلك لكن إذا خشي من طعن الناس عليه بذلك كان تركها حينئذ استبراء لعرضه فيكون حسنًا.

• وهذا كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن رآه واقفا مع صفية: "إِنَّهَا صَفِيّةُ بنتُ حُيَيّ" (٣).

وخرج أنس إلى الجمعة فرأى الناس قد صلَّوْا فاستحيا ودخل موضعًا لا يراه الناس فيه وقال: "من لا يستحي من الناس لا يستحي من الله".

وخرجه الطبراني مرفوعا ولا يصح (٤).

* * *


(١) أول البيوع: باب ترك الشبهات ٣/ ٥١١ وأعقبها طريقا آخر للحديث نحوه بمعناه وقال: حسن صحيح.
(٢) أخرجه البخارى في البيوع: باب الحلال بين والحرام بين وبينهما مشتبهات ٤/ ٢٩٠ وعنده "ماشبه" ويبدو أن معنى "في الصحيحين" أي في الجملة إذ ليس الحديث في مسلم.
(٣) أخرجه أحمد في المسند ٦/ ٣٣٧ (حلبي). وابن ماجه في السنن: كتاب الصيام: باب المعتكف يزوره أهله في المسجد ١/ ٥٦٥ - ٥٦٦.
ومسلم في كتاب السلام: باب ما يستحب لمن رؤي خاليا بامرأة وكانت زوجته أو محرما له أن يقول: هذه فلانة ليدفع ظن السوء به ٤/ ١٧١٢ والبخاري في الاعتكاف: باب هل يخرج المعتكف لا لحوائجه إلى باب المسجد ٤/ ٢٧٨ كلهم من حديث صفية رضي الله عنها.
(٤) أورده الهيثمي في المجمع ٨/ ٣٠ عن الطبراني في الأوسط وقال: فيه جماعة لم أعرفهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>