للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يعزر بالقتل إذا رأى ذلك مصلحة، لأنه - صلى الله عليه وسلم - معصوم من التعدي والحَيْف. وأما غيره فليس له ذلك؛ لأنه غير مأمون عليه التعدي (١) بالهوى.

قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن حديث أبي بكر: "أكانت (٢) لأحد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - " قال لم يكن لأبي بكر أن يقتل رجلًا إلا بإحدى ثلاث، والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان له ذلك: أن يقتل" (٣).

وحديث أبي بكر المشار إليه هو: أن رجلًا كلم أبا بكر: فأغلظ له، فقال له أبو بَرْزَة: ألا أقتله؟ يا خليفة رسول الله! فقال أبو بكر: "ما كانت لأحد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - " (٤).

وعلى هذا يتخرج حديث الأمْر بقتل هذا القبطي، ويتخرج عليه أيضًا حديث الأمر بقتل السارق، إن كان صحيحًا، فإن فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتله في أول مرة فراجعوه فيه، فقطعه ثم فعل ذلك أربع مرات، وهو يأمر بقتله، فيراجَع فيه، فَيُقطع حتى قطعت أطرافه الأربع ثم قتل في الخامسة (٥) والله أعلم.

* * *


(١) في م، هـ: "من التعدي".
(٢) في م، هـ: "ما كانت".
(٣) راجع في هذا ما أورده أبو داود في السنن: كتاب الحدود: باب الحكم فيمن سب النبي - صلى الله عليه وسلم - ٤/ ٥٣٠ - ٥٣١ من حديث أبي برزة قال: كنت عند أبي بكر رضيَ الله عنه فتغيظ على رجل فاشتد عليه، فقلت: تأذن لي يا خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أضرب عنقه؟ قال: فأذهبت كلمتي غضبه، فقام فدخل فأرسل إليّ فقال: ما الذي قلت آنفًا؟ قلت: ائذن لي أضرب عنقه، قال: أكنت فاعلًا لو أمرتك؟ قلت: نعم، قال: لا والله ما كانت لبشر بعد محمد - صلى الله عليه وسلم -؟!!
(٤) أفاد أبو داود أن هذا تعقيب أحمد بن حنبل على حديث أبي بكر فقد روى عنه عقب الحديث: أي لم يكن لأبي بكر أن يقتل رجلًا إلا لإحدى الثلاث التي قالها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كفر بعد إيمان أو زنا بعد إحصان أو قتل نفس بغير نفس، وكان للنبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقتل. أي بغير ذلك.
(٥) مضى أن هذا الحديث ليس بصحيح بل هو منكر، من رواية الحاكم، وفي سياقه بعض المخالفة عما هنا راجح المستدرك ٤/ ٣٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>