للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حملتني على نفسك! وأنت الذي تعرَّضت لما حلَّ بك! لو كنت أطعتني لم تَلقَ مني مكروهًا؟ " فتواجد الفتى، ثم قام فصاح، وقال: قد وجدتُ قلبي، قد وجدتُ قلبي!.

* * *

• وتفكَّروا في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ} (١) فإن فيه إشارة إلى أن المذنبين ليس لهم من يلجئون إليه، ويعوّلون عليه في مغفرة ذنوبهم غيرُه، وكذلك قوله في حق الثلاثة الذين خُلِّفُوا: {حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (٢)، فرتب توباه عليهم (٣) على ظنهم أن لا ملجأ من الله إلا إليه؛ فإن العبد إذا خاف من مخلوق هرب منه وفرّ إلى غيره.

وأما من خاف الله فما له من ملك مَلْجَأٍ يلجأ إليه، ولا مهرب يهرب إليه، إلا هو فيهرب منه إليه، كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في دعائه:

• "لا ملجأ ولا منجا منك؛ إلا إليك" (٤).

وكان يقول:

• "أعوذ برضاك من سخطك، وبعفوك من عقوبتك، وبك منك" (٥).

* * *

• قال الفضيل بن عياض -رضي الله عنه-: "ما من ليلة اختلط ظلامها، وأرخى الليل سِربالَ سِتْرها؛ إلا نادَي الجليل جلَّ جلالُه: من أعظم منِّي جُودًا والخلائق لي عاصون، وأنا لهم مراقب؟ أكلؤُهم في مضاجعهم كأنهم لم يعصوني. وأتولَّى حفظهم كأنهم لم يُذنبوا فيما بيني وبينهم".

أجود بالفضل على العاصي، وأتفضل على المسيء؟!.


(١) سورة آل عمران: ١٣٥.
(٢) سورة التوبة: ١١٨.
(٣) سقطت من م. وفي ب: "فرتب توبتهم على ظنهم".
(٤) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات: باب ما يقول إذا نام ١١/ ٩٣ ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار: باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع ٤/ ٢٠٨٢ كلاهما من حديث البراء بن عازب -رضي الله عنه-.
(٥) الترمذي في كتاب الدعاء: باب دعاء الوتر ٥/ ٥٦١ من حديث علي بنحوه وقال: حديث حسن غريب.

<<  <  ج: ص:  >  >>