للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن الناس من قال: إن إيجاده لخلقه على هذا الوجه أكمل من إيجاده على غيره، وهو خير من وجوده على غيره، وما فيه من الشر فهو شرٌّ إضافيُّ نسبيٌّ بالنسبة إلى بعض الأشياء دون بعض. وليس شرًّا مطلقًا بحيث يكون عدمُه خيرًا من وجوده من كل وجه، بل وجوده خيرٌ من عدمه.

قال: وهذا معنى قوله: {بِيَدِكَ الْخَيْرُ} (١).

* * *

ومعنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " والشر ليس إليك " (٢).

يعني أن الشر المحض الذي عدمه خير من وجوده ليس موجودًا في ملكك، فإن اللّه تعالى أوجد خلقه على ما تقتضيه حكمته وعدله، وخصَّ قومًا من خلقه بالفضل، وترك آخرين منهم في العدل، لما له في ذلك من الحكمة البالغة، وهذا فيه نظرٌ، وهو مُخَالِفٌ ما في الحديث، من أن جميع الخلق لو كانوا على صفة أكمل خلقه من البر والتقوى لم يزد ذلك في ملكه شيئًا ولا قَدْرَ جناح بعوضة، ولو كانوا على صفة أنقص


(١) هذا جزء الآية ٢٦ من سورة آل عمران وهي قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٦)}.
(٢) هذا جزء حديث رواه مسلم في صحيحه: كتاب صلاة المسافرين وقصرها: باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه ١، ٥٣٤، ٥٣٦، والنسائي في سننه: كتاب الافتتاح: باب [١٧]، نوع آخر من الذكر والدعاء بين التكبير والقراء، ٢/ ١٢٩ - ١٣٠ ح ٨٩٧ كلاهما من حديث عبد الرحمن الأعرج، عن عبيد اللّه بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا قام إلى الصلاة قال: "وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي للّه رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين.
اللهم! أنت الملك لا إله إلا أنت. أنت ربي وأنا عبدك - ظلمت نَفْسي، واعترفت بذنبي فاغفر في ذنوبي جميعًا، إنه لما يغفر الذنوب إلا أنت واهدني لأحسن الأخلاق. لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت. لبيك وسعديك والخير كله في يديك والشر ليس إليك. أنا بك وإليك. تباركت وتعاليت. أستغفرك وأتوب إليك ".
وإذا ركع قال: "اللهم لك ركعت وبك آمنت. ولك أسلمت خشع لك سمعي وبصري. ومخي وعظمي وعصبي ".
وإذا رفع قال: "اللهم! ربنا ولك الحمد ملء السموات والأرص وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد" وإذا سجد قال:
"اللهم! لك سجدت. وبك آمنت. ولك أسلمت. سجد وجهي للذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين! ".
ثم يكون من أخر ما يقول بين التشهد والتسليم: "اللهم اغفر لي ما قدمت، وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم، وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت ".

<<  <  ج: ص:  >  >>