للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال: نَهَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن الزَّبيب والتمر (١) يعني أن يُخْلَطَا فقال لي رجل من خلفي: ما قال؟ فقلت: حرّم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الزبيب والتمر، فقال عبد الله بن عمر: "كذَبْتَ" فقلتُ: "ألم تَقُلْ: نَهَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عنه" فهو حرام فقال: "أنت تشهد بذلك؟ " قال سلّام: كأنه يقول: "منْ نَهْي النبي - صلى الله عليه وسلم - ما هو أدب" (٢).

وقد ذكرنا فيما تقدم عن العلماء الورعين كأحمد ومالك توقِّيَ إطلاق لفظ الحرام على ما لم يُتَيقَّن تحريمه مما فيه نوع شُبْهة أو اختلاف.

وقال النَّخَعِي: "كانوا يكرهون أشياء لا يحرمونها".

وقال ابنُ عَوْن: قال لي مكْحُول: "ما تقولون في الفاكهة تُلْقى بين القوم فينتهبونها "؟ قلت: "إن ذلك عندنا لمكروه" قال: حرام هي؟ قال ابن عون فاستجْفَيْنَا ذلك من قول مكحول (٣).

وقال جعفر بن محمد: سمعتُ رجلًا يسأل القاسم بنَ محمد؟ الغناءُ أحرامٌ هو؟ فسكت عنه القاسم، ثم عاد فسكت عنه، ثم عاد فقال له: إن الحرامَ ما حَرَّم اللهُ في القرآن، أرأيت إذا أتي بالحق والباطل إلى الله في أيهما يكون الغناء؟ فقال الرجل: في الباطل فقال: "فأنْتَ فأَفْتِ نفسَكَ".

قال عبد الله بنُ الإِمام أحمد: سمعت أبي يقول: أما ما نهى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فمنها أشياء حرام مثل قوله نهى أن تُنْكحَ المرأة على عمتها أو على خالتها (٤) فهذا حرام.

ونهى عن جُلُود السباع؛ فهذا حرام، وذكر أشياءَ مِنْ نحو هذا (٥).

ومنها أشياء نهى عنها فهي أدب.


(١) راجع في النهي عن خلط التمر والزبيب في النبيذ ما رواه مسلم في كتاب الأشربة باب كراهة انتباذ التمر والزبيب مخلوطين ٢/ ١٥٧٤ - ١٥٧٧ من أحاديث ابن عمر، وابن عباس، وأبي هريرة، وأبي قتادة، وأبي سعيد الخدري وغيرهم.
(٢) م "ما نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو أدب".
(٣) عددناه أمرًا جافيًا، نابيًا؛ صحاح ٦/ ٢٣٠٣.
(٤) راجع في هذا ما رواه الترمذي في السنن: كتاب النِّكاح: باب ما جاء لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ٣/ ٤٣٢ - ٤٣٣ من حديثي ابن عباس وأبي هريرة وحديث أبي هريرة رواه من طريقين أحدهما حسن صحيح، والآخر صحيح.
وما رواه أبو داود في كتاب النِّكاح: باب ما يكره أن يجمع بين النساء ٢/ ٣٠٢ - ٣٠٣ من حديثي أبي هريرة وابن عباس.
(٥) راجع في هذا ما رواه أبو داود في سننه: كتاب اللباس: باب جلود النمور والسباع ٤/ ٩٥ - ٩٧ من حديثي خالد بن معدان وأبي المليح بن أسامة عن أبيه.
وما رواه النسائي في كتاب الفرع والعتيرة: باب النهي عن الانتفاع بجلود السباع ٧/ ١٧٦ - ١٧٧ من الحديثين السابقين. =

<<  <  ج: ص:  >  >>