للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"أحَجَجْتَ عَنْ نَفْسِك"؟ قَالَ: لا، قَالَ: "هَذِهِ عَنْ نَفْسِك، ثُمَّ حُجَّ عَنِ الرَّجُلِ".

• وقد تُكُلِّمَ في صحة هذا الحديث.

ولكنه صحيح عن ابن عباس وغيره.

وأخذ بذلك الشافعي وأحمد في المشهور عنه وغيرهما في أن حجة الإسلام تسقط بنية الحج مطلقًا، سواء نوى التطوع أو غيره، ولا يشترط للحج تعيين النية، فمن حج عن غيره ولم يحج عن نفسه وقع عن نفسه، وكذا لو حج عن نَذْرِهِ (١) أو نفلا ولم يكن حج حجة الإسلام فإنه يَنْقَلِبُ عنها.

* * *

وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-أنه أمَر أَصْحَابَهُ فيِ حجَّةِ الودَاع بَعْدَ مَا دَخلُوا مَعَه وَطَافُوا وَسَعَوْا أنْ يَفسَخُوا حَجَّهُمْ وَيَجْعَلُوها عُمْرَةً، وَكَان مِنْهُم القَارِنُ والمفْرِدُ وإنَّمَا كَانَ طَوافُهُمْ عِنْدَ قُدُومهمْ طَوَافَ القُدُوم، وَلَيْسَ بِفَرْض، وَقَدْ أمرَهْم أن يَجْعَلُوهُ طَوَافَ عُمْرةٍ وَهُو فَرْضٌ (٢).

• وقد أخذ بذلك الإمام أحمد في فَسْخ الحج، وعَمِل به، وهو مُشكلٌ على أصله؛ فإنه يوجب تعيين الطواف الواجب للحج والعمرة بالنية، وخالفه في ذلك أكثر الفقهاء كمالك والشافعى وأبي حنيفة.

• وقد يفرق الإمام أحمد بين أن يكون طوافه في إحرام انقلب كالإحرام الذي يفسخه ويجعله عمرة؛ فينقلب الطواف فيه؛ تبعا لانقلاب الإحرام، كما ينقلب الطواف في الإحرام الذي نوى به التطوع إذا كان عليه حجة الإسلام؛ تبعا لانقلاب إحرامه (٣) من أصله ووقوعه عِن فرضه. بخلاف ما إذا طاف للزيارة بنية الوداع أو التطوع فإن هذا لا يُجْزئه؛ لأنه لم يَنْو (٤) به الفرض ولم ينقلب فرضا تبعا لانقلاب إحرامه والله أعلم.

* * *


(١) م: "نذر".
(٢) راجع ما رواه البخاري في كتاب المغازي: باب بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد رضي الله عنهما إلى اليمن قبل حجة الوداع ٧/ ٧٠ من الفتح، ومسلم في كتاب الحج: باب حجة النبي -صلى الله عليه وسلم- ٢/ ٨٨٦، ٨٩٢ والهيثمي في مجمع الزوائد ٢/ ٢٣٣ - ٢٣٤.
(٣) م: "الإحرام".
(٤) هـ، م: "إلا أن ينوي".

<<  <  ج: ص:  >  >>