للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكل هذا جائز، وليس هو من باب قتالهم، ولا من الخروج عليهم الذي وَرَد النهيُ عنه، فإنّ هذا أكثر ما يخشى منه أن يُقْتَلَ الآمِرُ وحده.

• وأما الخروج عليهم بالسيف؛ فيُخْشَى منْهُ الفتن التي تؤَدِّي إلى سَفْكِ دماء المسلمين.

• نعم! إن خَشِيَ في الإقدِامِ على الإنكار على الملوك أن يؤذَى أهلُه أو جيرانُه لم ينبغ له التعرضُ لهم حينئذ لا فيه من تَعدِّي الأذى إلى غيره.

• كذلك قال الفضيل بن عياض، وغيره.

ومع هذا فمتى خاف منهم على نفسه السيفَ أو السوط أو الحبسَ أو القيدَ أو النَّفْي أو أخذَ المال أو نحوَ ذلك من الأذى سقط أمرهم ونهيهُم.

* * *

وقد نص الأئمة على ذلك منهم مالك وأحمد وإسحق وغيرهم (١).

قال أحمد: لا تتعرَّض إلى السلطان فإِن سيفَهُ مَسْلُولٌ (٢).

• وقال ابن شُبْرُمَة: "الأمر بالمعروف والنهيُ عن المنكر، كالجهاد يجب على الواحد أن يصابر فيه الاثنين، ويحرم عليه الفرار منهما، ولا يجب عليه مصابرة أكثَرَ من ذلك؛ فإن خَافَ السبَّ أو سماعَ الكلام السئ، لم يسقط عنه الإنكارُ بذلك.

نص عليه الإمامُ أحمد.

وإن احتمل الأذى، وقَوِي عليه؛ فهو أفضل.

نصّ عليه أحمد أيضًا.

وقيل له: أليس قد جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "ليس للمؤمن أن يذل نفسه" (٣) أي يعرضها من البلاء لما لا طاقة له به؛ قال: ليس هذا من ذلك.


(١) راجع الأمر والنهي للخلال ص ٢٤ - ٢٦، ٢٩.
(٢) الأمر والنهي للخلال ص ٣٠.
(٣) أخرجه الخوارزمي في جامع مسانيد أبي حنيفة ١/ ١٢٥ وقد رواه أبو حنيفة عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلفظ مقارب وابن ماجه في السنن: ٣٦ - كتاب الفتن: ٢١ - باب قوله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} ٢/ ١٣٣١ - ١٣٣٢ ح ٤٠١٦ من رواية محمد بن بشار، عن عمرو بن عاصم، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن الحسن، عن جندب، عن حذيفة، فذكره بنحوه، وأبو نعيم في الحلية ٨/ ١٠٦، معلقًا مختصرًا وأبو الشيخ في الأمثال (١٥١) من حديث حذيفة و (١٥٢) من حديث ابن عمر - الأول بإسناد ضعيف، والثاني بإسناد رجاله ثقات وانظر باقي تخريجه بهوامش الحديثين في الأمثال وفي بعض النسخ: "ليس هذا من ذاك" وأورده الخلال بسياقه عن أحمد في الأمر والنهي ص ٣٣ وعنده: "ليس هذا من ذاك".

<<  <  ج: ص:  >  >>