للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• ولما احْتُضِرَ عمرو بن العاص سأله ابنه عن صفة الموت فقال: والله لكأن جنبي في تخت (١) ولكأني أتنفس من سَمِّ إبرة، وكأن غُصْنَ شَوْكٍ يُجَرُّ بِهِ من قدمي إلى هامتي.

• وقيل لرجل عند الموت كيف تجدك. قال: أجدني أُجتذَب اجتذابًا، وكأن الخناجر مختلفة في جوفي، وكأن جوفي في تنُّورٍ محميٍّ يلتهب توقُّدًا.

• وقيل لآخر: كيف تجدك؟ قال: أجدني كأن السّماوات منطبقة على الأرض عليّ، وأجد نفسي كأنها تخرج من ثُقْب إبرة.

فلما كان الموت بهذه الشدة والله تعالى قد حتَّمه على عباده كُلِّهم، ولا بدّ لهم منه، وهو تعالى يكره أذى المؤمن ومساءته؛ سمى ذلك ترددًا في حق المؤمن. فأما الأنبياء - عليهم السلام - فلا يقبضون حتى يخيروا قال الحسن: لما كرهت الأنبياء الموت هون الله عليهم بلقاء الله، وبكل ما أحبوا من تحفة أو كرامة حتى إن نفس أحدهم تنزع من بين جنبيه وهو يحب ذلك لما قد مثل له.

• وقد قالت عائشة: ما أغبط أحدًا يُهَوَّنُ عليه الموت (٢) بعد الذي رأيت من شدة موت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (٣).

قالت: وكان عنده قدح من ماء فيدخل يدَه في القدح ثم يمسح وجهه بالماء ويقول: اللهم! أعنّي على سَكرات الموت".


(١) التخت وعاء أو صندوق تصان فيه الثياب. والخبر في الطبقات الكبرى ٤/ ٢٦٠ بنحوه.
(٢) م: "يهون الله عليه الموت".
(٣) أخرجه الترمذي في جامعه: كتاب الجنائز: باب ما جاء في التشديد عند الموت ٣/ ٣٠٩ ح ٩٧٩ من طريق الحسن بن الصباح البغدادي، عن معشر بن إسماعيل الحلبي، عن عبد الرحمن بن العلاء، عن أبيه، عن ابن عمر، وعن عائشة قالت: ما أغبط أحدًا بهون موت بعد الذي رأيت من شدة موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعقب عليه بقوله:
سألت أبا زرعة عن هذا الحديث، وقلت له: مَنْ عبد الرحمن بن العلاء. فقال: هو العلاء بن اللجلاج، وإنما عرفه من هذا الوجه.
وأورده الزبيدي في الإتحاف عن الترمذي، وقال: هون: رفق.
وأخرجه النسائي في: ٢١ - كتاب الجنائز: ٦ - باب شدة الموت ٣/ ٦ - ٧ ح ١٨٣٠ من وجه آخر عن عائشة قالت: مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنه بين حاقنتي وذاقنتي، فلا أكره شدة الموت لأحد أبدًا بعد ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
والحاقنة هي الوهدة المنخفضة بين الترقوتين من الحلق، والذاقنة هي الذقن وقيل: هي طرف الحلقوم، وقيل ما يناله الذقن من الصدر (شرح السيوطي) وهو عند أحمد في المسند ٦/ ٦٤ (الحلبي) وابن الجوزي في الثبات عند الممات ص ٦٤ وابن ماجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>