للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• وخرج الدارقطني من رواية ابن جريج، عن عطاء، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إن الله تَجَاوز عن أمتي ما حدّثَتْ به أنفسَها وما أُكْرِهُوا عليه، إلا أن يتكلموا به، أو يعملوا" (١).

وهو لفظ غريب.

• وقد خرجه النسائي ولم يذكر الإكراه (٢).

• وكذا رواه ابن عُيَيْنَة عن مِسْعَر، عن قتادة، عن زُرارة بن أوفى، عن أبي هريرة،


= رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [سورة البقرة: ٢٨٤] قال: فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم بركوا على الركب، فقالوا: أي رسول الله! كلفنا من الأعمال ما نطيق: الصلاة والصيام والجهاد والصدقة، وقد أنزلت عليك هذه الآية، ولا نطيقها، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا؟ بل قولوا: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} قالوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير. فلما اقترأها القوم ذلت بها ألسنتهم، فأنزل الله في إثرها: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [سورة البقرة: ٢٨٥] فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى، فأنزل الله - عز وجل -: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (قال: نعم) {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} (قال: نعم) {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} (قال: نعم) [سورة البقرة: ٢٨٦] فأي تصريح برفع الحديث وإسناده إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أظهر من هذا؟.
وقد ألمح إلى ذلك الحاكم والنووي والسيوطي وغيرهم. قال الحاكم في معرفة علوم الحديث ص ٢٠: فأما ما نقول في تفسير الصحابي مسند فإنما نقوله في غير هذا النوع؛ فإنه كما أخبرناه أبو عبد الله: محمد بن عبد الله الصفار، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، ثنا إسحاق بن أبي أويس، حدثني مالك بن أنس، عن محمد بن المنكدر، عن جابر قال:
كانت اليهود تقول: "من أتى امرأته من دبرها في قبلها جاء الولد أحول" فأنزل الله - عز وجل -: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ}.
قال الحاكم: هذا الحديث وأشباهه مسندة عن آخرها، وليست بموقوفة؛ فإن الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل؛ فأخبر عن آية من القرآن أنها نزلت في كذا وكذا: فإنه حديث مسند.
وانظر قول النووي في التقريب: "وأما قول من قال: تفسير الصحابي مرفوع؛ فذاك في تفسير يتعلق بسبب نزول آية أو نحوه وغيره موقوف".
وراجع أيضًا ما علق به السيوطي على هذا في التدريب ١/ ١٩٢ - ١٩٣.
(١) أخرجه الدارقطني في السنن ٤/ ١٧١ من طريق أبي بكر النيسابوري، عن يوسف بن سعيد، عن حجاج بن محمد، عن ابن جريح - به - وفيه: "إلا أن يتكلموا له ويعملوا به".
(٢) أخرجه النسائي في السنن: ٢٧ - كتاب الطلاق: ٢٢ - باب من طلق في نفسه ٦/ ١٥٦ - ١٥٧ من وجوه ح ٣٤٣٣ - ٣٤٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>