للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ينقضوا منها شيئًا.

أما عهود المسلمين فيما بينهم فالوفاء بها أشدّ، ونقضها أعظم إثمًا.

ومن أعظمها نقضُ عهد الإمام علَى من بايعه، ورضي به.

وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثلاثة لا يكلّمهم الله يومَ القيامة ولا يزكيهم وله عذاب أليم، فذكر منهم: "ورجل بايع إمامًا لا يبايعه إلا لدنيا فإن أعطاه ما يريد وفَى له، وإلا لم يف له" (١).

ويدخل في العهود التي يجب الوفاء بها ويحرم الغدر فيها جميع عقود المسلمين فيما بينهم إذا تراضوا عليها من المبايعات والمناكحات وغيرها من العقود اللازمة التي يجب الوفاء بها.

وكذلك ما يجب الوفاء به لله عز وجل مما يُعَاهِدُ العبد ربَّه عليه من نذر التبرّر (٢) ونحوه.

* * *

• والخامس الخيانة في الأمانة، فإذا اؤتُمن الرجل أمانة فالواجب عليه أن يردها، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (٣).

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أَدِّ الأمانةَ إلى مَن ائتمنَكَ" (٤).


(١) أخرجه البخاري في: ٤٢ - كتاب المساقاة: ٥ - باب إثم من منع ابن السبيل من الماء (٥/ ٣٤) ح ٢٣٥٨ ومسلم في: ١ - كتاب الإيمان: ٤٦ - باب غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية، وتنفيق السلعة بالحلف، وبيان الثلاثة الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم. وعنده: "فإن أعطاه منها وفَى، وإن لم يعطه لم يف". كلاهما من رواية الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل كان له فضل ماء بالطريق فمنعه من ابن السبيل، ورجل بايع لا يبايعه إلا لدنيا، فإن أعطاه منها رضي، وإن لم يعطه منها سخط، ورجل أقام سلعته بعد العصر؛ فقال: والله الذي لا إله غيره؛ لقد أعطيت بها كذا وكذا فصدقه رجل، ثم قرأ هذه الآية: {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلًا} لفظ البخاري وأطرافه في: ٢٣٦٩، ٢٦٧٢، ٧٢١٢، ٧٤٤٦.
(٢) هو نذر التقرب المحض لله تعالى وصاحبه بر، وبارٌّ أي صادق وناءٍ عن الآثام في نذره كقولك: "لله عليَّ أن أتصدق بكذا، ويقابله نذر المجازاة وهو المكروه كقولك: لله عليّ كذا إن شفى الله مريضى، وانظر الفتح ١١/ ٥٧٨.
(٣) سورة النساء: ٥٨.
(٤) أخرجه أبو داود في: ١٧ - كتاب البيوع: ٨١ - باب في الرجل يأخذ حقه من تحت يده ٣/ ٨٠٤ - ٨٠٥ ح ٣٥٣٤، ٣٥٣٥ من حديث أبي هريرة وغيره.
والترمذي في: ١٢ - كتاب البيوع: ٣٨ - باب حدثنا أبو كريب ٣/ ٥٦٤ - ٥٦٥ ح ١٢٤٦ من حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أد الأمانة لمن ائتمنك ولا تخن من خانك".
وعقب عليه بقوله: هذا حديث حسن غريب، وانظر باقي تخريجه في الموسوعة ١/ ١٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>