للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكذلك حبس النفس في المسجد لانتظار الصلاة وقطعها عن مأْلوفها من الخروج إلى المواضع التي تميل النفوس إِليها إِما لكسب الدنيا أَو للتَنّزُّهِ - هو من هذه الجهة مؤلم للنفس فيكون كفارة.

* وقد جاءَ في الحديث "أَن إِحدى خطوتي الماشي إِلى المسجد تَرفع له درجة والأخرى تَحط عنه خطيئة (١) " وهذا يقوي ما ذكرناه، وأن ما حصل به التكفير غير ما حصل به رفع الدرجات. والله أَعلم.

* وعلى هذا فيجتمع في العمل الواحد تكفير السيئات، ورفع الدرجات من جهتين، ويوصف في كل حال بكلا الوصفين، فلا تنافي بين تسميته كفارة، وبين الإِخبار عنه بمضاعفة الثواب به (٢) ووصفه برفع الدرجات، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -:

* "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إِلى رمضان، مكفرات لما بينهن ما اجتُنبت الكبائر" (٣).

فإن في حبس النفس على المواظبة على الفرائض من مخالفة هواها، وكفَّها عما تميل إليه - ما يوجب ذلك تكفيرَ الصغائر.

* وكذلك الشهادة في سبيل الله تكفر الذنوب بما يحصل بها من الأَلم، وترفع الدرجات بما اقترن بها من الأعمال الصالحة بالقلب والبدن. فيتبين (٤) بهذا أَن بعض الأعمال يجتمع فيها ما يوجب رفع الدرجات، وتكفيرَ السيئات من جهتين (٥) ولا يكون بينهما منافاة.

وهذا ثابت في الذنوب الصغائر بلا ريب.

* وأَما الكبائر فقد تكفر بالشهادة مع حصول الأَجر للشهيد، لكنِ الشهيدُ ذو الخطايا في رابع درجة من درجات الشهداء.

* كذا روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث فضالة بن عبيد خرجه الإِمام أَحمد


(١) كما روى البخاري في صحيحه: ٨ - كتاب الصلاة: ٨٧ - باب الصلاة في مسجد السوق ١/ ٥٦٤ ح ٤٧٧ وفي: ١٠ - كتاب الأذان: ٣٠ - باب فضل صلاة الجماعة ٢/ ١٣١ ح ٦٤٧ ورواه مسلم في صحيحه: ٥ - كتاب المساجد ومواضع الصلاة: ٤٩ - باب فضل صلاة الجماعة وانتظار الصلاة، ١/ ٤٥٩ ح ٦٤٣ كلاهما من حديث أبي هريرة.
(٢) ليست في "ا".
(٣) مضى الحديث ص ٥٠٣.
(٤) في م: "فتبين بها".
(٥) في أ: "وجهين".

<<  <  ج: ص:  >  >>