للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللَّهِ بَاقٍ} (١) فإن البحر إذا غمس فيه إبرة ثم أخرجت لم ينقص من البحر بذلك شيء، وكذلك لو فرِض أنه شرب منه عُصفورٌ مثلًا؛ فإنه لما ينقص البحر ألبتة.

ولهذا ضرب الخضر لموسى عليهما السلام هذا المثل في نسبة علمهما إلى علم اللّه عز وجل؛ وهذا لأن البحر لا يزال تَمُدُّه مياه الدنيا، وأنهارها الجارية، فَمَهْمَا أُخذ منه لم ينقصه شيء؛ لأنَّه يمده ما هو أزيد مما أخذ منه، وهكذا طعام الجنة وما فيها فإنه لا ينفد (٢)، كما قال تعالى: {وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ} (٣) وقد جاء: أنه كلما نُزِعت ثمرة عادَ مكانها مثلُها (٤)، وروي مِثْلاها فهي لا تنقص أبدًا.

• ويشهد لذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في خطبة الكسوف:

" وأريتُ الجنة فتناولتُ منها عنقودًا، ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا ".

• خرّجاه في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما (٥)، وخرَّجه الإمام أحمد من حديث جابر، ولفظه.

" ولو أتيتكم به لأكل منه من بين السماء والأرض لا ينقصونه شيئا " (٦).


(١) سورة النحل: ٩٦.
(٢) م: " لا ينقص ".
(٣) سورة الواقعة: ٣٢، ٣٣.
(٤) أورد ابن كثير في التفسير ٤/ ٢٨٧ عن الطبراني من حديث ثوبان قال: " إن الرجل إذا نزع ثمرة من الجنة عادت مكانها أخرى" وهو في المجمع ١٠/ ٤١٤ عن البزار والطبراني وقال الهيثمي: قال البزار: عيد في مكانها مثلاها، ورجال الطبراني وأحد إسنادي البزار ثقات.
(٥) البخاري في أبواب الكسوف " باب صلاة الكسوف " في جماعة ٢/ ٥٤٠ ح ١٠٥٢.
ومسلم في كتاب الكسوف باب ما عرض على النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار ٢/ ٦٢٦ ح ١٧ (٩٠٧) كلاهما من حديث زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد اللّه بن عباس قال: " انكسفت الشمس على عهد رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فصلى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - والناس معه فقام قيامًا طويلاً قدر نحو سورة البقرة، ثم ركع ركوعا طويلا، ثم رفع فقام قياما طويلًا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول، ثم سجد، ثم قام قياما طويلًا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعا طويلًا وهو دون الركوع الأول ثم رفع فقام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعا طويلًا وهو دون الركوع الأول، ثم سجد، ثم انصرف وقد انجلت الشمس، فقال - صلى الله عليه وسلم -: إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللّه لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فاذكروا اللّه. قالوا: يا رسول اللّه! رأيناك تناولت شيئًا في مقامك هذا، ثم رأيناك كففت؟. فقال: إني رأيت الجنة. فتناولت عنقودًا ولو أصبته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا. رأيتُ النار فلم أر كاليوم منظرًا قط. ورأيت أكثر أهلها النساء. قالوا: بم يا رسول اللّه؟! قال: بكفرهنَّ قيل: أيكفُرْن باللّه؟ قال: بكفر العشير، ويكفر الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئًا قالت: ما رأيت منك خيرًا قط ".
(٦) أورده أحمد في المسند ٥/ ١٣٧ (حلبي) من حديث عبد اللّه بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد اللّه=

<<  <  ج: ص:  >  >>