للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= إِنا قوم من أهل البادية؛ فعلمنا شيئًا ينفعنا اللّه تبارك وتعالى به؟ قال: لما تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، ولو أن تكلم أخاك ووجهك إليه منبسط، وإياك وتسبيل الإزار، فإنه من الخيلاء، والخيلاء لا يحبها اللّه عز وجل! وإن امرؤ سبّك بما يعلم فيك فلا تسبه بما تعلم فيه، فإن أجره لك، ووباله على من قاله ".
ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان ص ١٩١ عقب حديث الحسن.
ورواه ابن حبان في صحيحه: كتاب البر والإحسان: فصل من البر والإحسان ١/ ٣٦٩ من وجهين بنحوه:
الأول من طريق بكر بن سعيد الطاحي، عن نصر بن علي، عن أبيه، عن شعبة، عن قرة بن خالد، عن قرة ابن موسى عن سليم بن جابر الهجيمي.
والثاني من طريق أحمد بن علي المثنى، عن أبي خيثمة، عن يزيد بن هارون به - بمثل ما عند أحمد.
وفي الأول إضافة الأمر بالتقوى في أوله، والنهي عن سب شيء في آخره. وأن أبا جرى قال: فما سببت بعده دابة ولا إنسانا.
بيد أن حبان عقب على الرواية الأولى بقوله:
قوله - صلى الله عليه وسلم - عليك باتقاء اللّه أمر فرض على المخاطبين كلهم أن يتقوا اللّه في كل الأحوال.
وإفراغ المرء الدلو في إناء المستسقي من إنائه وبسط وجهه عند مكالمة أخيه المسلم قصد بالأمر بهما الندب والإرشاد؛ طلبًا للثواب.
وعقب على الرواية الثانية بقوله:
الأمر بترك استحقار المعروف أمر قصد به الإرشاد والزجر عن إسبال الإزار زجر حتم لعلة معلومة وهي الخيلاء فمتى عدت الخيلاء لم يكن بإسبال الإزار بأس والزجر عن الشتيمة إذا شوتم المرء زجر عنه في ذلك الوقت وقبله وبعده وإن لم يشتم ".
وهذا الاستنباط من مشكاة النبوة أمر أكثر من رائع! بيد أنه لا يستغرب من حافظ للسنة، مستوعب للحديث، فاقه لأسراره كأبي حاتم بن حبان؟!.
ويبقى أن نناقش ابن رجب في قوله عن الحديث الذي أورده إنه من مراسيل الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فهل الحديث الذي أورده ابن رجب هنا من مراسيل الحسن البصري؟! أم هو من قوله؟.
لقد اعتمد ابن رجب في الاستشهاد على ما قاله وأنَّه من مراسيل الحسن على تخريج ابن أبي الدنيا للحديث.
فهل كان تخريج ابن أبي الدنيا للحديث على أنه من مراسيل الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما ذكر ابن رجب أم كان على أنه من قوله؟
لقد أريناك رواية ابن أبي الدنيا للحديث في كتاب الإخوان وهو المظنة الأولى للحديث، وأنها من قول الحسن وليس من مراسيله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم تابعْنا روايات الحديث فلم نجد في روايات المرفوع عن أبي ذر وجابر وأبي جرى من يتابع راويا من رواة حديث الحسن أو من يتابعه أحد رواة حديث الحسن، حتى يمكن أن نقول كما قال ابن رجب: إن هذا الحديث من مراسيل الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن الصحابي في هذا الحديث الذي يرويه الحسن مرسلًا إن سلمنا بذلك - هو جابر أو هو أبو ذر أو هو أبو جرى أو هو غيرهم إن كان يلتقي مع رواة حديث الحسن في راوٍ أو أكثر.
وهذا القول بعينه يوجه كذلك للمنذري الذي أورد الحديث في الترغيب والترهيب ٣/ ٤٢١ عن الحسن من النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: رواه ابن أبي الدنيا وهو مرسل.
ومرة أخرى ليس أمامنا ما يشهد بصحة ما قاله كل من المنذري وابن رجب لا من ابن أبي الدنيا الذي اعتمد عليه=

<<  <  ج: ص:  >  >>