للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مريضكم الطعام والشراب تخافون عليه (١) ".

• وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو (٢) رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر".

* * *

• وأما السابق بالخيرات بإذن الله فهم الذين فهموا المرادَ من الدنيا، وعملوا بمقتضى ذلك، فعلموا أن الله إنما أسكَنَ عبادَهُ في هذه الدار ليَبْلوَهم أيّهم أحسنُ عملًا كما قال: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} (٣).

• وقال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} (٤).

قال بعض السلف: أيهم أزهدُ في الدنيا، وأرغب في الآخرة.

وجعل ما في الدنيا من البهجة والنضرة محنة لينظر من يَقِفُ منهم معه ويركن إليه، ومَنْ ليس كذلك كما قال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} (٥) ثم بين انقطاعه ونفاذه فقال: {وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا} (٦) فلما فهموا أن هذا هو المقصودُ من الدنيا جعلوا هَمَّهُمُ التزوّدَ منها للآخرة التي هي دار القرار، واكتفوا (٧) من الدنيا بما يكتفي به المسافر في سفره كما كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: "ما لي وللدنيا إنما مَثَلِي وَمَثَلُ الدنيا كراكبٍ قَالَ في


(١) أخرجه الحاكم في المستدرك ٤/ ٢٠٧ من حديث محمود بن الربيع عن قتادة بن النعمان وفي ٤/ ٢٠٨ من حديث محمود بن الربيع عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أحب الله عبدًا … الحديث لفظ الموضع الأول ولفظ الموضع الثاني: إن الله تعالى ليحمي عبده المؤمن … الحديث بالنص الذي أورده ابن رجب وفيه زيادة وصف: "المؤمن".
وصحح الحديثين وأقره الذهبي.
وفي م: "عبده من الدنيا" وفيه زيادة ليست في الأصول.
(٢) م: "عمر" وهو تحريف والحديث في صحيح مسلم أول كتاب الزهد والرقائق: ٥٣ ح ١ (٢٩٥٦) من طريق قتيبة بن سعيد، عن عبد العزيز الدراوردي، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا، وذكره بالنص الذي أورده به ابن رجب وليس الحديث في مسلم من حديث عبد الله بن عمرو كما ورد في الأصول الخطية.
(٣) سورة هود: ٧.
(٤) سورة الملك: ٢.
(٥) سورة الكهف: ٧.
(٦) سورة الكهف: ٨.
(٧) م: "فاكتفوا".

<<  <  ج: ص:  >  >>