للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومسائل الضرر في الأحكام كثيرة جدًّا.

وإنما ذكرنا هذا على وجه المثال.

* * *

• والنوع الثاني أن يكون له غرض آخر صحيح، مثل أن يتصرف في مِلْكِهِ بما فيه مصلحة له؛ فيتعدى ذلك إلى ضرر غيره، أو يمنع غيره من الانتفاع بِمْلِكِه، توفيرًا له (١) فيتضرر الممنوع بذلك.

• فأما الأول وهو التصرف في مِلْكه بما يتعدى ضررُه إلى غيره.

فإن كان على غير الوجه المعتاد مثل أن يؤجج في أرضه نارًا في يوم عاصف فيحرق (٢) ما يليه؛ فإنه متعدٍّ بذلك، وعليه الضمان.

وإن كان على الوجه المعتاد ففيه للعلماء قولان مشهوران.

أحدهما: لا يُمنع من ذلك، وهو قول الشافعي وأبي حنيفة وغيرهما.

• والثاني: المنع، وهو قول أحمد، ووافقه مالك في بعض الصور.

فمن صور ذلك أن يفتح كوة في بنائه العالي مشرفةً على جاره، أو يبني بناءً عاليًا يشرف على جاره ولا يستره؛ فإنه يُلَزَمُ بستره.

نص عليه أحمد ووافقه طائفة من أصحاب الشافعي.

قال الرويانى منهم في كتاب الحلية:

يجتهد الحاكم في ذلك، ويمنع إذا ظهر له التعنُّتُ، وقَصْدُ الفساد.

قال: وكذلك القول في إطالة البناء، ومنع الشمس والقمر.

• وقد خرج الخرائطي وابن عدي بإسناد ضعيف، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده مرفوعًا حديثا طويلًا في حق الجار، وفيه: لا يستطيل (٣) بالبناء، فيحْجُبُ عنه الريح إلا بإذنه (٤).


(١) ليست في م.
(٢) م: "فيحترق".
(٣) م: "ولا تستطيل".
(٤) أخرج الخرائطي شطره الأول في مساوى الأخلاق ص ١٥٤ ح ٤٠٢ من حديث عثمان بن عطاء بن أبي مسلم الخراساني، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "من أغلق بابه دون جاره مخافة على أهله وماله فليس ذلك بمؤمن، وليس بمؤمن من لا يأمن جاره بوائقه".=

<<  <  ج: ص:  >  >>