للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• ووجَّه بعض أصحابنا ذلك بأن الإشهاد على دفع الحقوق الثابتة بالبينة واجب، فيكون تركه تفريطًا فيجب به الضمان، ولذلك قال طائفة منهم في دفع مال اليتيم إليه: لابد له من بينة؛ لأن الله تعالى أمر بالإشهاد عليه، فيكونُ واجبًا.

• وقد اختلف الفقهاء في هذا الباب على قولين:

• أحدهما: أن البينة على المدّعِي أبدًا وَاليمين على المدَّعَى عليه أبدًا.

وهو قول أبي حنيفة، ووافقه طائفة من الفقهاء والمحدثين كالبخاري، وطرَّدوا ذلك في كل دعوى، حتى في القسامة وَقالوا: لا يحلَّف إلا المدّعَى عليه، ورأوا أن لا يقضى بشاهد ويمين (١) لأن اليمين لا تكون إلا على المدعى (٢) عليه، ورأوا أن اليمين لا يردّ على المدعِي؛ لأنها لا تكون إلا في جانب المنكر المدعَى عليه.

واستدلوا في مسألة القسامة بما روى سعيد بن عبيد، حدثنا بُشير بنُ يَسار الأنصارى، عن سهل بن أبي حَثمة (٣) أنه أخبره أن نفرا منهم انطلقوا إلى خيبر فتفرقوا فيها، فوجدوا أحدهم قتيلًا، فذكر الحديث وفيه فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "تأتوني بالبيِّنة على من قتله؟ " قالوا: ما لنا بينة، قال: "فيحلفون؟ " قالوا: "لا نرضى بأيمان اليهود فكره النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يُبْطِلَ دمه فوداه (٤) مائة من إبل الصدقة، خرجه البخاري (٥).

• وخرجه مسلم مختصرًا ولم يتمه (٦).


(١) م: "ولا يمين".
(٢) ا، ب: "إلا على المدعِي" فهذا الذي آثرناه هو الموافق للسياق ولما في ل باحتمال كبير وفي د، ظ: "لأن اليمين لا تكون إلا على المدعى عليه".
(٣) م: "بشير بن بشارة" "خيثمة" وفيها تصحيف وتحريف.
(٤) م: "بمائة" وكلا الروايتين صحيح وهذه هي رواية الكشميهني.
(٥) رواية سعيد بن عبيد أخرجها البخاري في ٨٧ في كتاب الديات: ٢٣ - باب القسامة ١٢/ ٢٢٩ - ٢٣٠ ح ٦٨٩٨ عن بشير بن يسار زعم أن رجلًا من الأنصار يقال له سهل بن أبي حثمة أخبره أن نفرًا من قومه انطلقوا إلى خيبر فتفرقوا فيها ووجدوا أحدهم قتيلا، وقالوا للذي وجد فيهم: قد قتلتم صاحبنا؟ قالوا: ما قتلنا ولا علمنا قاتلا، فانطقوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! انطلقنا إلى خيبر فوجدنا أحدنا قتيلا؟ فقال: الكُبْرَ الكُبْرَ (راعوا السن ولا يتكلم الأصغر ومعكم من هو أكبر) فقال لهم: تأتون بالبينة على من قتله؟ قالوا: ما لنا بينة. قال: فيحلفون؟ قالوا: لا نرضى بأيمان اليهود فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُطَلَّ دمه فوداه مائة من إبل الصدقة" وفي ا، د، ل، ظ: "يبطل دمه".
(٦) في صحيحه: ٢٨ - كتاب القسامة: ١ - باب القسامة ٣/ ١٢٩٤ ح ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>