للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عليه وآله وسلم طلبَ من ولي القتيل شاهدين على مَنْ قتله فقال: ومن أين أصيب شاهدين؟ قال: "فتحلفُ خمسين قسامة" قال: كيف أحلف على ما لم أعلم؟ قال: "فتستحلف منهم خمسين قسامة" (١) فهذا الحديث يُجمع به بين روايتى سعيد بن عبيد، ويحيى بن سعيد ويكون كل منهما ترك بعضَ القصة، فترك سعيدٌ ذكرَ قسامة المدعين، وترك يحيى ذكر البينة قبل طَلَب القسامة، والله أعلم (٢).

• وأما مسألة الشاهد مع اليمين: فاستدل من أنكر الحكم بالشاهد واليمين بحديث: "شاهداك أو يمينه" (٣) وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "ليس لك إلا ذلك" (٤) وقد تكلم القاضي إسماعيل المالكي في هذه اللفظة وقال: تفرد بها منصور عن أبي وائل وخالفه سائر الرواة وقالوا: إنه سأله: ألك بينة؟ أو لا؟ والبينة لا تقف على الشاهدين فقط؛ بل تعمّ سائر ما يبين الحق.

وقال غيره: يحتمل أن يريد بشاهديه (٥) كلَّ نوعين يشهدان للمدعِى بصحة دعواه يتبين بها الحق، فيدخل في ذلك شهادة الرجلين، وشهادةُ الرَّجُلِ معَ المرأتين وشهادةُ


(١) أخرجه النسائي في السنن: ٤٥ - كتاب القسامة: ٢، ٣ تبدئة أهل الدم في القسامة، ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر سهل فيه ٨/ ٥ ح ٤٧١٠ - ٤٧٢٠ وفي هذا الحديث الأخير ووفي النسائي الحديث الذي أشار إليه ابن رجب من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن ابن محيّصة الأصغر أصبح قتيلا على أبواب خيبر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أقم شاهدين على من قتله أدفعه إليكم برمته، قال: يا رسول الله! ومن أين أصيب شاهدين وإنما أصبح قتيلا على أبوابهم؟ قال: فتحلف خمسين قسامة؟ قال: يا رسول الله! وكيف أحلف على ما لا أعلم؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فستحلف منهم خمسين قسامة، فقال يا رسول الله! كيف نستحلفهم وهم اليهود؟ فقسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ديته عليهما وأعانهم بنصفها".
وقد اعتمد ابن حجر في الفتح ٢٣٤١ على هذه الرواية في الجمع بين الروايات واعتبرها شاهدا لطلب البينة أولا من المدعين، قال بعد أن استعرض الروايات في هذه القضية: وطريق الجمع أن يقال: حفظ أحدهم ما لم يحفظ الآخر، فيحمل على أنه طلب البينة فلم تكن لهم بينة فعرض عليهم الأيمان فامتنعوا، فعرض عليهم تحليف المدعى عليهم، فأبوا.
وانظر البخاري وفتح الباري ١١/ ٢٢٩ - ٢٤٣ ففيهما في هذا الموضع الكفاية والاستزادة لمن أراد أن يستزيد.
(٢) وابن حجر متأثر بهذا الاتجاه، أو هذا هو اتجاهه كما قد عرفت.
(٣) راجع ما رواه مسلم في صحيحه: ١ - كتاب الأَيمان: ٦١ - باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار ١/ ١٢٣ من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كانت بيني وبين رجل خصومة في بئر فاختصمنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: شاهداك أو يمينه. أي: لك ما يشهد به شاهداك أو يمينه.
وأخرجه البخاري تعليقًا في ٨٧ - كتاب الديات: ٢٢ - باب القسامة وقال الأشعث بن قيس قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: شاهداك أو يمينه ١١/ ٢٢٩.
(٤) أخرجه مسلم في الموضع السابق ح ٢٢٤ ( … ) وسبق أن أوردنا لك نصه قريبًا.
(٥) م: "بشهادته" وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>