للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن جانب الدعي في القسامة لما قوى باللوث (١) جعلت اليمين في جانبه وحكم له بها.

وكذلك المدعي، إذا أقام شاهدًا، فإنه قوَّى جانبه فحلف معه وقَضى له.

• وهؤلاء لهم في الجواب عن قوله "البينة على المدعى" طريقان:

• أحدهما: أن هذا خص من هذا العموم بدليل.

• والثاني: أن قوله: "البينة على المدَّعِي" ليس بعام، لأن المراد: المدعِي المعهود وهو من لا حجة له سوى الدعوى كما في قوله: "لو يُعطَى الناسُ بدعواهم لادعى رجالٌ دماء قومٍ وأموالهم" فأما المدى عي الذي معه حجة تُقَوِّى دَعْوَاه فليس داخلا في هذا الحديث.

• وطريق ثالث: وهو أن البينة كلُّ مَا بين صحةِ دعْوى المدعِي وشهد بصدقه، فاللوث مع القسامة بينة، والشاهد مع اليمين بينة.

• وطريق رابع: سلكه بعضهم، وهو الطعن في صحة هذه اللفظة أعني قوله "البينة على المدعي" وقالوا: إنما الثابت هو قوله: "اليمين على المدعَى عليه".

* * *

• وقوله: "لو يعطى الناسُ بدعواهم لادعَى قَوْمٌ دمِاءَ قوم وأموالَهم" يدل على أن مدعِيَ الدم والمال لابدّ له من بينة تدل على ما ادَّعاه.

ويدخل في عموم ذلك أن من ادعى على رجلٍ أنه قتل مورّثه (٢) وليس معه إلا قول المقتول عند موته: جرحني فلان، أنه لا يكتفي بذلك، ولا يكون بمجرده لوثا.

وهذا قول الجمهور، خلافًا للمالكية فإنهم (٣) جعلوه لوثًا يُقْسِمُ معه الأولياءُ ويستحقون الدم.

• ويدخل في عمومه أيضًا من قذف زوجته ولاعنها؛ فإنه لا يباحُ دَمُها بمجرد لعانها (٤).

وهذا قول الأكثرين: خلافًا للشافعي واختار قوله الجوزجاني، لظاهر قوله عز وجل: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} (٥).


(١) اللوث: هو العداوة الظاهرة بين المقتول والمدعَى عليه كنحو ما بين الأنصار ويهود خيبر ذكر ذلك ابن قدامة وتفصيله في المغني ١٢/ ١٩٣ وما بعدها.
(٢) ا، د، ل، ظ: "موروثه".
(٣) ا: "وإنهم" وانظر المغني ١٢/ ٢٠٧.
(٤) م: "لعانه".
(٥) سورة النور: ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>