للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اكتفى بشهادته بدون يمين الطالب.

وقوله: {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا} (١) يدل على أول إذا ظهر خلل في شهادة الكفار، حَلَف أولياءُ الميت على خيانتهما وكذبهما واستحقوا ما حَلَفُوا عليه.

وهذا قول مُجَاهد وغيرِه من السَّلَف.

• ووجه ذلك: أن اليمين في جانب أقوى التداعيين.

وقد قويت هنا دعوى الورثة بظهور كذب الشهود الكفار فتردُّ اليمين على المدَّعِين، ويحْلفُون مع اللَّوث (٢) ويستحقون ما ادّعَوْا كما يحلفُ الأولياء في القسامة مع اللَّوْثِ ويستحقُّون بذلك الدية والدم أيضًا عند مالك وأحمد وغيرهما.

• وقضى ابن مسعود في رجل مسلم حضره الموت، فأَوصى إلى رجلين مسلمين معه وسلّمهُمَا ما معه من المال، وأشهد على وصيته كفارًا ثم قدم الوصيان فدفعا بعض المال إلى الورثة وكتمَا بعضه ثم قدم الكفار فشهدوا عليهم بما كتموه من المال فدعَا الوصيين المسلمين فاستحلَفَهُمَا ما دفع إليهما أكثرَ مما دفعاه، ثم دعا الكفار فشهدوا وحلفوا على شهادتهم، ثم أمر أولياء الميت أن يحلفوا أن ما شهدت به اليهود والنصارى حق فحلفوا فقضى على الوصيين بما حلفوا عليه.

وكان ذلك في خلافة عثمان.

وتأول ابن مسعود الآية على ذلك، وكأنه قابل بين يمين الأوْصياء والشهود الكفار [فأسقطهما وبقى مع الورثة شهادة الكفار] (٣) فحلفوا معها واستحقوا؛ لأن جانبهم تَرجَّح بشهادة الكفار لهم فجعل اليمين مع أقوى المتداعييِن وقضى بها.

واختلف الفقهاء هل يستحلف في جميع حقوق الآدميين كقول الشافعي ورواية عن أحمد؟


(١) سورة المائدة: ١٠٧.
(٢) اللوث: القوة والشر، وشبه الدلالة على حدث من الأحداث، ولا يكون بينة تامة، يقال: لم يقم على اتهام فلان بالجناية إلا لوث: اشتباه.
واللوث: الجراحات والمطالبة بالأحقاد.
وانظر المعجم الوسيط ١/ ٨٥١ وما سبق ص ٩٤١ عن ابن قدامة في المغني.
(٣) ما بين الرقمين سقط من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>