للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

له حسنة كاملة وكذلك في حديث أبي هريرة، وأنس وغيرهما أنها تُكْتَبُ حسنة وفي حديث أبي هريرة قال: إنما تركها من جرائي، يعني من أجلي.

• وهذا يدل على أن المراد مَنْ قَدَر على ما همَّ به من المعصية فتركه لله تعالى، وهذا لا ريب في أنه يكتب له بذلك حسنة، لأن تركه للمعصية بهذا القصد عملٌ صالح.

• فأما إن همَّ بمعصيةٍ ثم ترك عملها خوفًا من المخلوقين أو مراعاة لهم، فقد قيل إنه يعاقبُ على تركها بهذه النية؛ لأن تقديم خوف المخلوقين على خوف الله محرّم.

• وكذلك قصدُ الرياء للمخلوقين محرّم فإذا اقترن به تركُ المعصية لأجله عُوقب على هذا الترك.

• وقد خرج أبو نعيم بإسناد (١) ضعيفٍ عن ابن عباس قال: يا صاحبَ الذنب! لا تأمننَّ (٢) سوء عاقبته وَلَمَا يتبعُ الذنبَ أَعْظَمُ من الذنب إذا عملته، فذكر كلامًا وقال: وخَوْفُكَ من الريح إذا حَرَّكَتْ ستْرَ بابك، وأنتَ على الذنب، ولا يضطربُ فؤادُك من نظر الله إليك أعظمُ من الذنب إذا عملته (٣).

• وقال الفضيل بن عياض: كانوا يقولون تركُ العمل للناس رياءٌ والعملُ لهم (٤) شِرْكٌ.

• وأما إن سَعَى في حُصُولِهَا بما أمكنَهُ ثم حالَ بينَهُ وبَيْنَهَا القَدَرُ فقد ذَكَر جماعةٌ أنه يُعَاقَبُ عَلَيْهَا حينئذ، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الله تَجَاوز لأمتي عما حدّثَتْ به أنفسَها ما لم تَتَكَلّم به أو تَعمل (٥).


(١) اختصر ابن رجب ما أورده أبو نعيم في الحلية ١/ ٣٢٤ - ٣٢٥ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - اختصارًا بينًا ففيه … إذا عملته فإن قلة حيائك ممن على اليمين وعلى الشمال وأنت على الذنب أعظم من الذنب الذي عملته، وضحكك وأنت لا تدري ما الله صانع بك أعظم من الذنب. . . إلخ فارجع إليه إن شئت.
(٢) م: "من سوء" وهي هكذا في الحلية.
(٣) م: "فعلته".
(٤) في هامش م: لعله "ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل لأجل الناس شرك".
(٥) أخرجه البخاري في: ٤٩ - كتاب العتق: ٦ - باب الخطأ والنسيان في العتاقة والطلاق ونحوه - (٥/ ١٦٠) ح ٢٥٢٨. وفي: ٦٨ - كتاب النكاح: ١١ - باب الطلاق في الإغلاق والمكره والسكران والمجنون وأمرهما والغلط والنسيان في الطلاق والشرك وغيره ٩/ ٣٨٨ ح ٥٢٦٩.
وفي: ٨٣ - كتاب الأيمان والنذور: ١٥ - باب إذا حنث ناسيًا في الأيمان ١١/ ٥٤٨ - ٥٤٩ ح ٦٦٦٤.
ومسلم في: ١ - كتاب الإيمان: ٥٨ - باب تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب إذا لم تستقر ١/ ١١٦ - ١١٧ ح ٢٠١ - (١٢٧)، ٢٠٢ من وجوه عديدة.
وأبو داود في السنن: ٧ - كتاب الطلاق: ١٥ - باب الوسوسة بالطلاق ٢/ ٦٥٧ - ٦٥٨.
والترمذي في: ١١ - كتاب الطلاق: ٨ - باب ما جاء فيمن يحدث نفسه بطلاق امرأته ٣/ ٤٨٩ وعقب عليه =

<<  <  ج: ص:  >  >>