وقيل ثمانية أيام ثم يرد الآخر، فالمراد أن هذه الأنواع من العذاب لم تجىء جملة ولا متصلة، ثم وصفهم الله عز وجل بالاستكبار عن الآيات والإيمان، وأنهم كان لهم اجترام على الله تعالى وعلى عباده.
الرِّجْزُ العذاب، والظاهر من الآية أن المراد بالرجز هاهنا العذاب المتقدم الذكر من الطوفان والجراد وغيره، وقال قوم من المفسرين: الإشارة هنا بالرجز إنما هي إلى طاعون أنزله فيهم مات منهم في ليلة واحدة سبعون ألف قبطي، وروي في ذلك أن موسى عليه السلام أمر بني إسرائيل بأن يذبحوا كبشا ويضمخوا أبوابهم بالدم ليكون ذلك فرقا بينهم وبين القبط في نزول العذاب.
قال القاضي أبو محمد: وهذا ضعيف، وهذه الأخبار وما شاكلها إنما تؤخذ من كتب بني إسرائيل فلذلك ضعفت، وقولهم: بِما عَهِدَ يريدون بذمامك وماتتك إليه فهي تعم جميع الوسائل بين الله وبين موسى من طاعة من موسى ونعمة من الله تبارك وتعالى، ويحتمل أن يكون ذلك منهم على جهة القسم على موسى، ويحتمل أن يكون المعنى ادع لنا ربك ماتّا إليه بما عهد إليك، ويحتمل إن كان شعر أن بين الله تعالى وبين موسى في أمرهم عهد ما أن تكون الإشارة إليه، والأول أعم وألزم، والآخر يحتاج إلى رواية، وقولهم: لَئِنْ كَشَفْتَ أي بدعائك لَنُؤْمِنَنَّ ولَنُرْسِلَنَّ قسم وجوابه، وهذا عهد من فرعون وملئه الذين إليهم الحل والعقد، ولهم ضمير الجمع في قوله لَنُؤْمِنَنَّ، وألفاظ هذه الآية تعطي الفرق بين القبط وبين بني إسرائيل في رسالة موسى، لأنه لو كان إيمانهم به على أحد إيمان بني إسرائيل لما أرسلوا بني إسرائيل ولا فارقوا دينهم، بل كانوا يشاركون فيه بني إسرائيل، وروي أنه لما انكشف العذاب قال فرعون لموسى اذهب ببني إسرائيل حيث شئت فخالفه بعض ملئه فرجع فنكث.
وأخبر الله عز وجل أنه لما كشف عنهم العذاب نكثوا عهدهم الذي أعطوه موسى. وإِذا هاهنا للمفاجأة، وإِلى متعلقة ب كَشَفْنا و «الأجل» يراد به غاية كل واحد منهم بما يخصه من الهلاك والموت. وهذا اللازم من اللفظ كما تقول أخذت كذا إلى وقت وأنت لا تريد وقتا بعينه، وقال يحيى بن سلام «الأجل» هنا الغرق.
قال القاضي أبو محمد: وإنما هذا القول لأنه رأى جمهور هذه الطائفة قد اتفق أن هلكت غرقا فاعتقد أن الإشارة هنا بالأجل إنما هي إلى الغرق، وهذا ليس بلازم لأنه لا بد أنه مات منهم قبل الغرق عالم وهم ممن أخر وكشف عنهم العذاب إلى أجل بلغه، ودخل في هذه الآية فأين الغرق من هؤلاء؟ وأين هو