للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ننجيك» وقالت فرقة معناه من النجاة أي من غمرات البحر والماء، وقال جماعة معناه نلقيك على نجوة من الأرض وهي ما ارتفع منها، ومنه قول أوس بن حجر: [البسيط]

فمن بعقوته كمن بنجوته ... والمستكن كمن يمشي بقرواح

وقرأ يعقوب «ننجيك» بسكون النون وتخفيف الجيم، وقرأ أبي بن كعب «ننحّيك» بالحاء المشددة من التنحية، وهي قراءة محمد بن السميفع اليماني ويزيد البريدي، وقالت فرقة: معنى بِبَدَنِكَ بدرعك، وقالت فرقة معناه بشخصك وقرأت فرقة «بندائك» أي بقولك آمَنْتُ إلخ الآية، ويشبه أن يكتب بندائك بغير ألف في بعض المصاحف، ومعنى الآية أنّا نجعلك آية مع ندائك الذي لا ينفع، وقرأت فرقة هي الجمهور «خلفك» أي من أتى بعدك، وقرأت فرقة «خلقك» المعنى يجعلك الله آية له في عباده، ثم بيّن عز وجل العظة لعباده بقوله وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ وهذا خبر في ضمنه توعد.

قوله عز وجل:

[سورة يونس (١٠) : الآيات ٩٣ الى ٩٥]

وَلَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٩٣) فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ (٩٤) وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ (٩٥)

المعنى لقد اخترنا لبني إسرائيل أحسن اختيار وحللناهم من الأماكن أحسن محل، ومُبَوَّأَ صِدْقٍ أي يصدق فيه ظن قاصده وساكنه وأهله، ويعني بهذه الآية: إحلالهم بلاد الشام وبيت المقدس، قاله قتادة وابن زيد، وقيل: بلاد مصر والشام، قاله الضحاك، والأول أصح بحسب ما حفظ من أنهم لن يعودوا إلى مصر، على أن القرآن كذلك وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ [الشعراء: ٥٩] يعني ما ترك القبط من جنات وعيون وغير ذلك، وقد يحتمل أن يكون أَوْرَثْناها [الشعراء: ٥٩] معناه الحالة من النعمة وإن لم يكن في قطر واحد، وقوله فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ يحتمل معنيين أحدهما فما اختلفوا في نبوة محمد وانتظاره حتى جاءهم وبان علمه وأمره فاختلفوا حينئذ.

قال القاضي أبو محمد: وهذا التخصيص هو الذي وقع في كتب المتأولين، وهذا التأويل يحتاج إلى سند، والتأويل الآخر الذي يحتمله اللفظ أن بني إسرائيل لم يكن لهم اختلاف على موسى في أول حاله فلما جاءهم العلم والأوامر وغرق فرعون اختلفوا.

قال القاضي أبو محمد: فمعنى الآية مذمة ذلك الصدر من بني إسرائيل، ثم أوجب الله بعد ذلك أنه يَقْضِي بَيْنَهُمْ ويفصل بعقاب من يعاقب ورحمة من يرحم، وقوله تعالى: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ الآية، قال بعض المتأولين وروي ذلك عن الحسن: أن «إن» نافية بمعنى ما والجمهور على أن «إن» شرطية، والصواب في معنى الآية أنها مخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد بها سواه من كل من يمكن أن يشك

<<  <  ج: ص:  >  >>