حضر ومن مات، لأن الحاضر يغلب، كما تقول العرب: ألم نقتلكم في موطن كذا؟، ومن خوطب لم يقتل ولكنه غلب لحضوره، وقرأ الضحاك لِيُضِيعَ بفتح الضاد وشد الياء، وقال ابن عباس والبراء بن عازب وقتادة والسدي والربيع وغيرهم: الإيمان هنا الصلاة. وسمى الصلاة إيمانا لما كانت صادرة عن الإيمان والتصديق في وقت بيت المقدس وفي وقت التحويل، ولما كان الإيمان قطبا عليه تدور الأعمال وكان ثابتا في حال التوجه هنا وهنا ذكره، إذ هو الأصل الذي به يرجع في الصلاة وغيرها إلى الأمر والنهي، ولئلا تندرج في اسم الصلاة صلاة المنافقين إلى بيت المقدس فذكر المعنى الذي هو ملاك الأمر، وأيضا فسميت إيمانا إذ هي من شعب الإيمان، والرأفة أعلى منازل الرحمة، وقرأ قوم لَرَؤُفٌ على وزن فعل، ومنه قول الوليد بن عقبة:[الطالبان] : [الوافر]
وشرّ الطالبين فلا تكنه ... بقاتل عمّه الرّؤوف الرحيم
تقول العرب: رؤف ورؤوف ورئف كحذر ورأف وقرأ أبو جعفر ابن القعقاع لرووف بغير همز، وكذلك سهل كل همزة في كتاب الله تعالى ساكنة كانت أو متحركة.
المقصد تقلب البصر، وذكر الوجه لأنه أعم وأشرف، وهو المستعمل في طلب الرغائب، تقول:
بذلت وجهي في كذا، وفعلت لوجه فلان، ومنه قول الشاعر:[الطويل] رجعت بما أبغي ووجهي بمائه وأيضا فالوجه يتقلب بتقلب البصر، وقال قتادة والسدي وغيرهما: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقلب وجهه في الدعاء إلى الله تعالى أن يحوله إلى قبلة مكة، وقيل كان يقلب ليؤذن له في الدعاء، ومعنى التقلب نحو السماء أن السماء جهة قد تعود العالم منها الرحمة كالمطر والأنوار والوحي فهم يجعلون رغبتهم حيث توالت النعم، وتَرْضاها معناه تحبها وتقر بها عينك.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الكعبة والتحول عن بيت المقدس لوجوه ثلاثة رويت، فقال مجاهد: لقول اليهود ما علم محمد دينه حتى اتبعنا، وقال ابن عباس: وليصيب قبلة إبراهيم عليه السلام، وقال الربيع والسدي: وليستألف العرب لمحبتها في الكعبة، وقال عبد الله بن عمر: إنما وجه