للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإسراء: ٧] المعنى بعثناهم ليسوءوا، ومثل هذا كثير شائع، وقوله تعالى: قالُوا أَجِئْتَنا الآية، المعنى قال قوم فرعون لموسى: أجئتنا لتصرفنا وتلوينا وتردنا عن دين آبائنا، يقال لفت الرجل عن الآخر إذا لواه، ومنه قولهم: التفت فإنه افتعل من لفت عنقه، ومنه قول رؤبة: [الرجز] لفتا وتهزيعا سواء اللفت وقرأ السبعة سوى أبي عمرو فإنه اختلف عنه «وتكون» بالتاء من فوق وهي قراءة جمهور الناس، وقرأ الحسن بن أبي الحسن فيما زعم خارجة وإسماعيل، «ويكون» بالياء من تحت ورويت عن أبي عمرو وعن عاصم وهي قراءة ابن مسعود، والْكِبْرِياءُ: مصدر مبالغ من الكبر، والمراد به في هذا الموضع الملك، وكذلك قال فيه مجاهد والضحاك وأكثر المتأولين، لأنه أعظم تكبر الدنيا، ومنه قول الشاعر [ابن الرقاع] :

[الخفيف]

مؤددا غير فاحش لا تداني ... هـ تجبارة ولا كبرياء

وقوله بِمُؤْمِنِينَ بمصدقين.

قوله عز وجل:

[سورة يونس (١٠) : الآيات ٧٩ الى ٨٢]

وَقالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ (٧٩) فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ (٨٠) فَلَمَّا أَلْقَوْا قالَ مُوسى ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (٨١) وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (٨٢)

يخبر أن فرعون قال لخدمته ومتصرفيه: ائْتُونِي بِكُلِّ ساحِرٍ، هذه قراءة جمهور الناس، وقرأ طلحة بن مصرف ويحيى بن وثاب وعيسى «بكل سحار» على المبالغة، قال أبو حاتم: لسنا نقرأ «سحار» إلا في سورة الشعراء، فروي أنهم أتوه بسحرة الفرما وغيرها من بلاد مصر حسبما قد ذكر قبل في غير هذه الآية، فلما ورد السحرة باستعدادهم للمعارضة خيّروا موسى كما ذكر في غير هذه الآية، فقال لهم عن أمر الله: أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ، وقوله تعالى: فَلَمَّا أَلْقَوْا الآية، المعنى فلما ألقوا حبالهم وعصيهم وخيلوا بها وظنوا أنهم قد ظهروا قال لهم موسى هذه المقالة، وقرأ السبعة سوى أبي عمرو السِّحْرُ وهي قراءة جمهور الناس، وقرأ أبو عمرو ومجاهد وأصحابه وابن القعقاع بِهِ السِّحْرُ بألف الاستفهام ممدودة قبل السِّحْرُ.

فأما من قرأ السِّحْرُ بغير ألف استفهام قبله ف ما في موضع رفع على الابتداء وهي بمعنى الذي وصلتها قوله جِئْتُمْ بِهِ والعائد الضمير في بِهِ، وخبرها السِّحْرُ، ويؤيد هذه القراءة والتأويل أن في مصحف ابن مسعود «ما جئتم به سحر» ، وكذلك قرأها الأعمش وهي قراءة أبي بن كعب، «ما أتيتم به سحر» ، والتعريف هنا في السحر أرتب لأنه قد تقدم منكرا في قولهم إِنَّ هذا لَسِحْرٌ [يونس: ٧٦] فجاء هنا بلام العهد كما يقال في أول الرسالة، سلام عليك وفي آخرها والسلام عليك، ويجوز أن تكون ما

<<  <  ج: ص:  >  >>