يريد دعاء الناس للملوك بالحياة، وقد سمي الملك تحية بهذا التدريج ومنه قول عمرو بن معديكرب:
أزور أبا قابوس حتى ... أنيخ على تحيته بجندي
أراد علي مملكته وقال بعض العلماء وَتَحِيَّتُهُمْ يريد تسليم الله عز وجل عليهم، و «السلام» مأخوذ من السلامة، وقوله وَآخِرُ دَعْواهُمْ يريد وخاتمة دعواهم في كل موطن وكلامهم شكر الله تعالى وحمده على سابغ نعمه، وكانت بدأتهم بالتنزيه والتعظيم، وقرأ جمهور الناس «أن الحمد لله» وهي عند سيبويه «أن» المخففة من الثقيلة، وقرأ ابن محيصن وبلال بن أبي بردة ويعقوب وأبو حيوة «أنّ الحمد لله» ، وهي على الوجهين رفع على خبر الابتداء، قال أبو الفتح: هذه القراءة تدل على أن قراءة الجماعة هي أن المخففة من الثقيلة بمنزلة الأعشى: [البسيط]
في فتية كسيوف الهند قد علموا ... أن هالك كلّ من يحفى وينتعل
هذه الآية قال مجاهد نزلت في دعاء الرجل على نفسه أو ماله أو ولده ونحو هذا، فأخبر الله تعالى أنه لو فعل مع الناس في إجابته إلى المكروه مثل ما يريدون فعله معهم في إجابته إلى الخير لأهلكهم، ثم حذف بعد ذلك من القول جملة يتضمنها الظاهر، تقديرها ولا يفعل ذلك ولكن يذر الذين لا يرجون فاقتضب القول وتوصّل إلى هذا المعنى بقوله فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فتأمل هذا التقدير تجده صحيحا، واسْتِعْجالَهُمْ نصب على المصدر، والتقدير مثل استعجالهم، وقيل: التقدير تعجيلا مثل استعجالهم، وهذا قريب من الأول، وقيل إن هذه الآية نزلت في قوله اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ [الأنفال: ٣٢] وقيل نزلت في قوله ائْتِنا بِما تَعِدُنا [الأعراف: ٧٧] وما جرى مجراه، وقرأ جمهور القراء «لقضي» على بناء الفعل للمفعول ورفع «الأجل» ، وقرأ ابن عامر وحده وعوف وعيسى بن عمر ويعقوب، «لقضى» على بناء الفعل للفاعل ونصب «الأجل» وقرأ الأعمش:
«لقضينا» ، و «الأجل» في هذا الموضع أجل الموت، ومعنى قضى في هذه الآية أكمل وفرغ، ومنه قول أبي ذؤيب:[الكامل]
وعليهما مسرودتان قضاهما ... داود أو صنع السوابغ تبع