للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنه قول عدي بن زيد: [الخفيف]

ثم بعد الفلاح والملك والإم ... ة وارتهم هناك القبور

فالآية على هذا استمرار في احتجاجهم، لأنهم يقولون: وجدنا آباءنا في نعمة من الله وهم يعبدون الأصنام، فذلك دليل رضاه عنهم، وكذلك اهتدينا نحن بذلك عَلى آثارِهِمْ. وذكر الطبري عن قوم:

أن الأمة الطريقة، مصدر من قولك: أممت كذا أمة ثم ضرب تعالى المثل لنبيه محمد عليه السلام وجعل له الإسوة فيمن مضى من النذر والرسل، وذلك أن المترفين من قومهم وهم أهل التنعم والمال قد قابلوهم بمثل هذه المقالة.

وقرأ جمهور القراء: «قل أو لو» والمعنى: فقلنا للنذير قل. وقرأ ابن عامر وحفص عن عاصم: «قال أو لو» ، ففي «قال» ضمير بعود على النذير. وباقي الآية يدل على أن: «قل» في قراءة من قرأها ليست بأمر لمحمد عليه السلام، وإنما هي حكاية لما أمر به النذير.

وقوله تعالى: أَوَلَوْ هي ألف الاستفهام دخلت على واو عطف جملة كلام على جملة متقدمة، ولَوْ في هذا الموضع كأنها شرطية بمعنى أن، كأن معنى الآية: وإن جئتكم بأبين وأوضح مما كان آباؤكم عليه فيصح لجاجكم وتقليدكم، فأجاب الكفار حينئذ لرسلهم: إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ.

وفي قوله تعالى: فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ الآية وعيد لقريش وضرب مثل بمن سلف من الأمم المعذبة المكذبة بأنبيائها كما كذبت هي بمحمد عليه السلام.

وقرأ جمهور الناس: «أو لو جئتكم» وقرأ أبو جعفر وأبو شيخ وخالد: «أو لو جئناكم» . وقرأ الأعمش:

«أو لو أتيتم» .

قوله عز وجل:

[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ٢٦ الى ٣٠]

وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (٢٧) وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢٨) بَلْ مَتَّعْتُ هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتَّى جاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ (٢٩) وَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ قالُوا هذا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كافِرُونَ (٣٠)

المعنى: واذكر إذا قال إبراهيم، ولما ضرب تعالى المثل لمحمد صلى الله عليه وسلم بالنذر وجعلهم إسوة له، خص إبراهيم بالذكر لعظم منزلته، وذكر محمدا صلى الله عليه وسلم بمنابذة إبراهيم عليه السلام لقومه، أي فافعل أنت فعله وتجلد جلده. و: بَراءٌ صفة تجري على الواحد والاثنين والجميع كعدل وزور.

وقرأ جمهور الناس: «براء» بفتح الباء. وقرأت فرقة: «براء» بضم الباء. وفي مصحف عبد الله وقراءة الأعمش: «إني» بنون واحدة «برىء» قال الفراء: ومن الناس من يكتب شكل الهمزة المخففة ألفا في كل

<<  <  ج: ص:  >  >>