الْإِيمانُ لم يدخل قلوبهم ثم فتح لهم باب التوبة بقوله: وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ الآية، وطاعة الله ورسوله في ضمنها الإيمان والأعمال.
وقرأ جمهور القراء: «لا يلتكم» من لات يليت إذا نقص، يقال: لاته حقه إذا نقصه منه، ولت السلطان إذا لم يصدقه فيما سأل عنه. وقرأ أبو عمرو والأعرج والحسن وعمرو: «لا يألتكم» من ألت يألت وهو بمعنى: لات، وكذلك يقال: ألت بكسر اللام يألت، ويقال أيضا في معنى لات، ألت يولت ولم يقرأ بهذه اللغة وباقي الآية ترجية.
قوله عز وجل:
[سورة الحجرات (٤٩) : الآيات ١٥ الى ١٨]
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (١٥) قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٦) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٧) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٨)
وقوله تعالى: إِنَّمَا في هذه الآية حاصرة يعطي ذلك المعنى. وقوله تعالى: ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا أي لم يشكوا في إيمانهم ولم يداخلهم ريب وهُمُ الصَّادِقُونَ، إذ جاء فعلهم مصدقا لقولهم، ثم أمره تعالى بتوبيخهم بقوله: قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ، أي بقولكم: آمَنَّا [الحجرات: ١٤] وهو يعلم منكم خلاف ذلك، لأنه العليم بكل شيء.
وقوله: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا نزلت في بني أسد أيضا، وذلك أنهم قالوا في بعض الأوقات للنبي صلى الله عليه وسلم: إنا آمنا بك واتبعناك ولم نحاربك كما فعلت محارب خصفة وهوازن غطفان وغيرهم، فنزلت هذه الآية، حكاه الطبري وغيره. وقرأ ابن مسعود: «يمنون عليك إسلامهم» . وقوله يحتمل أن يكون مفعولا صريحا. ويحتمل أن يكون مفعولا من أجله.
وقوله: بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ بزعمكم إذ تقولون آمنا، فقد لزمكم أن الله مان عليكم، ويدلك على هذا المعنى قوله: إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فتعلق عليهم الحكمان هم ممنون عليهم على الصدق وأهل أن يقولوا أسلمنا من حيث هم كذبة.
وقرأ ابن مسعود: «إذ هداكم» .
وقوله تعالى: يَمُنُّ عَلَيْكُمْ يحتمل أن يكون بمعنى: ينعم كما تقول: من الله عليك، ويحتمل أن يكون بمعنى: يذكر إحسانه فيجيء معادلا ل يَمُنُّونَ عَلَيْكَ، وقال الناس قديما: إذا كفرت النعمة حسنت المنة. وإنما المنة المبطلة للصدقة المكروهة ما وقع دون كفر النعمة.
وقرأ أبو جعفر ونافع وشيبة وقتادة وابن وثاب: «تعملون» بالتاء على الخطاب. وقرأ ابن كثير وعاصم في رواية أبان: «يعملون» بالياء من تحت على ذكر الغيب.