وهي مدنية وذكر النقاش قولا إنها مكية، وذلك خطأ ممن قاله، لأن أمر اليهود لم يكن إلا بالمدينة، وكذلك أمر الجمعة لم يكن قط بمكة، أعني إقامتها وصلاتها، وأما أمر الانفضاض فلا مرية في كونه بالمدينة، وذكر النقاش عن أبي هريرة قال: كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزلت سورة الجمعة وهذا أيضا ضعيف لأن أبا هريرة إنما أسلم أيام خيبر.
تقدم القول في لفظ الآية الأولى، واختلفت القراءة في إعراب الصفات في آخرها.
فقرأ جمهور الناس: الْمَلِكِ بالخفض نعتا لِلَّهِ، وكذلك ما بعده، وقرأ أبو وائل شقيق بن سلمة وأبو الدينار:«الملك» بالرفع على القطع، وفتح أبو الدينار القاف من «القدوس» ، والْأُمِّيِّينَ: يراد بهم العرب، والأمي في اللغة الذي لا يكتب ولا يقرأ كتابا، قيل هو منسوب إلى الأم، أي هو على الخلقة الأولى في بطن أمه، وقيل هو منسوب إلى الأمة، أي على سليقة البشر دون تعلم، وقيل منسوب إلى أم القرى وهي مكة وهذا ضعيف، لأن الوصف ب الْأُمِّيِّينَ على هذا يقف على قريش، وإنما المراد جميع العرب، وفيهم قال النبي صلى الله عليه وسلم:«إنا أمة أمية لا نحسب ولا نكتب الشهر هكذا وهكذا» .
وهذه الآية تعديد نعمة الله عندهم فيما أولاهم، والآية المتلوة: القرآن يُزَكِّيهِمْ معناه: يطهرهم من الشرك ويمني الخير فيهم، والْكِتابَ: الوحي المتلو، وَالْحِكْمَةَ: السنة التي هي لسانه عليه السلام، ثم أظهر تعالى تأكيد النعمة بذكر حالهم التي كانت في الضد من الهداية، وذلك في قوله تعالى:
وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ، وَآخَرِينَ في موضع خفض عطفا على الْأُمِّيِّينَ وفي موضع نصب عطفا على الضمائر المتقدمة.