[النساء: ٢٤] وذلك لأن الحديث من المتواتر، وكذلك قوله عليه السلام، يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب، قيل أيضا إنه ناسخ، وقوله تعالى: إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ استثناء منقطع، معناه لكن ما قد سلف من ذلك ووقع وأزاله الإسلام فإن الله يغفره، والإسلام يجبّه.
قوله عز وجل: وَالْمُحْصَناتُ عطف على المحرمات قبل، والتحصن: التمنع، يقال حصن المكان: إذا امتنع، ومنه الحصن، وحصنت المرأة: امتنعت بوجه من وجوه الامتناع، وأحصنت نفسها، وأحصنها غيرها، والإحصان تستعمله العرب في أربعة أشياء، وعلى ذلك تصرفت اللفظة في كتاب الله عز وجل، فتستعمله في الزواج، لأن ملك الزوجة منعة وحفظ، ويستعملون الإحصان في الحرية لأن الإماء كان عرفهن في الجاهلية الزنا، والحرة بخلاف ذلك، ألا ترى إلى قول هند بنت عتبة للنبي عليه السلام، حين بايعته، وهل تزني الحرة؟ فالحرية منعة وحفظ، ويستعملون الإحصان في الإسلام لأنه حافظ، ومنه قول النبي عليه السلام «الإيمان قيد الفتك» ومنه قول الهذلي:
فليس كعهد الدّار يا أمّ مالك ... ولكن أحاطت بالرّقاب السّلاسل
ومنه قول الشاعر:
قالت هلمّ إلى الحديث فقلت لا ... يأبى عليك الله والإسلام
ومنه قول سحيم:
كفى الشّيب والإسلام للمرء ناهيا ومنه قول أبي حية:
رمتني وستر الله بيني وبينها فإن أحد الأقوال في الستر أنه أراد به الإسلام، ويستعملون الإحصان في العفة، لأنه إذا ارتبط بها إنسان وظهرت على شخص ما وتخلق بها، فهي منعة وحفظ، وحيثما وقعت اللفظة في القرآن فلا تجدها تخرج عن هذه المعاني، لكنها قد تقوى فيها بعض هذه المعاني دون بعض، بحسب موضع وموضع، وسيأتي بيان ذلك في أماكنه إن شاء الله.
فقوله في هذه الآية وَالْمُحْصَناتُ، قال ابن عباس وأبو قلابة وابن زيد ومكحول والزهري وأبو