وقرأ جمهور الناس «من خلاله» وهو جمع خلل كجبل وجبال، وقرأ ابن عباس والضحاك «من خلله» ، وقرأ عاصم والأعرج «وينزّل» على المبالغة والجمهور على التخفيف، وقوله مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ قيل تلك حقيقة وقد جعل الله تعالى في السماء جبالا مِنْ بَرَدٍ وقالت فرقة ذلك مجاز وإنما أراد وصف كثرته وهذا كما تقول عند فلان جبال من المال وجبال من العلم أي في الكثرة مثل الجبال، وحكي عن الأخفش تقديره زيادة مِنْ في قوله: مِنْ بَرَدٍ وهو قول ضعيف، ومِنْ في قوله مِنَ السَّماءِ هي لابتداء الغاية، وفي قوله «من الجبال» هي للتبعيض، وفي قوله مِنْ بَرَدٍ هي لبيان الجنس، و «السنا» ، مقصور، الضوء والسناء، ممدود، المجد والارتفاع في المنزلة، وقرأ الجمهور «سنا» بالقصر، وقرأ طلحة بن مصرف «سناء» بالمد والهمز.
وقرأ طلحة أيضا «برقة» بضم الباء وفتح الراء وهي جمع «برقة» بضم الباء وسكون الراء فعلة وهي القدر من البرق كلقمة ولقم وغرفة وغرف، وقرأ الجمهور «يذهب» بفتح الياء، وقرأ أبو جعفر «يذهب» بضمها من أذهب كأن التقدير يذهب النفوس بالأبصار نحو قوله تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ [المؤمنون: ٢٠] ويحتمل أن يكون مثل قوله وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ [الحج: ٢٥] فالباء زائدة دالة على فعل يناسبها ثم اقتضت لفظ الآية الإخبار عن تقبله الليل والنهار والإتيان بهذا بعد هذا دون توطئة هو الذي تعجز عنه الفصحاء حتى يقع منهم التخليق في الألفاظ والتوطئة بالكلام وباقي الآية بين.
هذه آية اعتبار، وقرأ حمزة والكسائي «والله خالق كل» على الإضافة، وقرأ الجمهور «والله خلق كل» ، و «الدابة» كل من يدب من الحيوان أي تحرك منتقلا أمامه قدما، ويدخل فيه الطير إذ قد يدب ومنه قول الشاعر:«دبيب قطا البطحاء في كل منهل» ، ويدخل فيه الحوت وفي الحديث «دابة من البحر مثل الظرب» ، وقوله مِنْ ماءٍ قال النقاش أراد أمنية الذكور، وقال جمهور النظرة أراد أن خلقة كل حيوان أن فيها ماء كما خلق آدم من الماء والطين، وعلى هذا يتخرج قول النبي عليه السلام للشيخ الذي سأل في غزاة بدر ممن أنتما؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم «نحن من ماء ... » الحديث، و «المشي علي البطن» للحيات والحوت ونحوه من الدود وغيره، و «على الرجلين»