يَتَلاوَمُونَ معناه: يجعل كل واحد اللوم في حيز صاحبه، ويبرئ نفسه، ثم أجمعوا على أنهم طغوا، أي تعدوا ما يلزم من مواساة المساكين، ثم انصرفوا إلى رجاء الله تعالى، وانتظار الفرج من لدنه في أن يبدلهم بسبب توبتهم خيرا من تلك الجنة. وقرأ:«يبدلنا» بسكون الباء وتخفيف الدال، جمهور القراء والحسن وابن محيصن والأعمش، وقرأ نافع وأبو عمرو: بالتثقيل وفتح الباء، وقوله تعالى: كَذلِكَ الْعَذابُ ابتداء مخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم في أمر قريش، والإشارة بذلك إلى العذاب الذي نزل بالجنة، أي ذلك العذاب، هو العذاب الذي ينزل بقريش بغتة، ثم عذاب الآخرة بعد ذلك أشد عليهم من عذاب الدنيا، وقال كثير من المفسرين: العذاب النازل بقريش المماثل لأمر الجنة هو الجدب الذي أصابهم سبع سنين، حتى رأوا الدخان وأكلوا الجلود، ثم أخبر تعالى: إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ، فروي أنه لما نزلت هذه قالت قريش: إن كانت ثم جنات نعيم، فلنا فيها أكبر الحظ، فنزلت:
أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ، وهذا على جهة التوقيف والتوبيخ. وقوله تعالى: ما لَكُمْ توبيخ آخر ابتداء وخبر جملة منحازة، وقوله تعالى: كَيْفَ تَحْكُمُونَ جملة منحازة كذلك، وكَيْفَ في موضع نصب ب تَحْكُمُونَ، وقوله تعالى: أَمْ هي المقدرة ببل وألف الاستفهام، و: كِتابٌ معناه: منزل من عند الله، وقوله تعالى: إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ. قال بعض المتأولين: هذا استئناف قول على معنى: إن كان لكم كتاب، فلكم فيه متخير، وقال آخرون: إِنَّ معمولة ل تَدْرُسُونَ، أي تدرسون في الكتاب إن لكم ما تختارون من النعيم، وكسرت الألف من إِنَّ لدخول اللام في الخبر، وهي في معنى:«أن» بفتح الألف. وقرأ طلحة والضحاك:«أن لكم» بفتح الألف. وقرأ الأعرج «أأن لكم فيه» على الاستفهام.
قوله تعالى: أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مخاطبة للكفار، كأنه يقول: هل أقسمنا لكم قسما فهو عهد لكم بأنا ننعمكم في يوم القيامة وما بعده؟ وقرأ جمهور الناس بالرفع على الصفة لأيمان،