الأولى في الثانية، ثم حذره تعالى من يوم القيامة تحذيرا يعم العالم وإياهم القصد، ولا مَرَدَّ لَهُ معناه ليس فيه رجوع لعمل ولا لرغبة ولا عنه مدخل، ويحتمل أن يريد لا يرده راد حتى لا يقع وهذا ظاهر بحسب اللفظ، ويَصَّدَّعُونَ معناه يتفرقون بعد جمعهم، وهذا هو التصدع والمعنى يتفرقون إلى الجنة وإلى النار، ثم قسم الفريقين بأحكام تلحقهم من أعمال في الدنيا ثم عبر عن «الكفر» ب «عليه» وهي تعطي الثقل والمشقة وعن العمل الصالح باللام التي هي كلام الملك، ويَمْهَدُونَ معناه يوطئون ويهيئون وهي استعارة منقولة من الفرش ونحوها إلى الأحوال والمراتب، وقال مجاهد: هذا التمهيد هو للقبر.
اللام في قوله لِيَجْزِيَ متعلقة ب يَصَّدَّعُونَ [الروم: ٤٣] ، ويجوز أن تكون متعلقة بمحذوف تقديره ذلك أو فعل ذلك لِيَجْزِيَ وتكون الإشارة إلى ما تقرر من قوله تعالى مَنْ كَفَرَ [الروم: ٤٤] وعَمِلَ صالِحاً [الروم: ٤٤] ، وقوله تعالى: لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ ليس الحب بمعنى الإرادة ولكنه بمعنى لا يظهر عليهم أمارات رحمته ولا يرضاه لهم دينا ونحو هذا، ثم ذكر تعالى من آياته أشياء يقضي كل عقل بأنها لا مشاركة للأوثان فيها وهو ما في الريح من المنافع وذلك أنها بشرى بالمطر، ويذيق الله بها المطر ويلقح بها الشجر وغير ذلك ويجري بها السفن في البحر ويبتغي الناس بها فضل الله في التجارات في البحر وفي ذرو الأطعمة وغير ذلك، ثم أنس محمدا بأن ضرب له مثل من أرسل من الأنبياء، وتوعد قريشا بأن ضرب لهم مثل من هلك من الأمم الذين أجرموا وكذبوا الأنبياء، ثم وعد محمدا وأمته النصر إذ أخبر أنه جعله قًّا
عليه تبارك وتعالى، وقًّا
خبرانَ
قدمه اهتماما لأنه موضع فائدة الجملة، وبعض القراء في هذه الآية وقف على قوله قًّا
وجعله من الكلام المتقدم ثم استأنف جملة من قوله لَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ
، وهذا قول ضعيف لأنه لم يدر قدما عرضه في نظم الآية.