ووَجَبَتْ، معناه سقطت بعد نحرها، ومنه وجبت الشمس، ومنه قول أوس بن حجر: ألم تكسف الشمس والبدر والكواكب للجبل الواجب، وقوله «كلوا» ندب، وكل العلماء يستحب أن يأكل الإنسان من هديه وفيه أجر وامتثال إذ كان أهل الجاهلية لا يأكلون من هديهم، وقال مجاهد وإبراهيم والطبري: هي إباحة، والْقانِعَ، السائل يقال قنع الرجل يقنع قنوعا إذا سأل، بفتح النون في الماضي، وقنع بكسر النون يقنع قناعة فهو قنع إذا تعفف واستغنى، قاله الخليل ومن الأول قول الشماخ:
لمال المرء يصلحه فيغني ... مفاقره أعف من القنوع
فمحرور القول من أهل العلم قالوا الْقانِعَ السائل وَالْمُعْتَرَّ المتعرض من غير سؤال، قاله محمد بن كعب القرظي ومجاهد وإبراهيم والكلبي والحسن بن أبي الحسن، وعكست فرقة هذا القول، حكى الطبري عن ابن عباس أنه قال الْقانِعَ المستغني بما أعطيه وَالْمُعْتَرَّ المتعرض، وحكي عنه أنه قال الْقانِعَ المتعفف وَالْمُعْتَرَّ السائل، وحكي عن مجاهد أنه قال الْقانِعَ الجار وإن كان غنيا، وقرأ أبو رجاء «القنع» فعلى هذا التأويل معنى الآية أطعموا المتعفف الذي لا يأتي متعرضا والمتعرض، وذهب أبو الفتح بن جني إلى أنه أراد القانع فحذف الألف تخفيفا وهذا بعيد لأن توجيه على ما ذكرته آنفا أحسن وإنما يلجأ إلى هذا إذا لم توجد مندوحة، وقرأ أبو رجاء وعمرو بن عبيد «المعتري» والمعنى واحد، وروي عن أبي رجاء «والمعتر» بتخفيف الراء وقال الشاعر: [الطويل]
لعمرك ما المعتر يغشى بلادنا ... لنمنعه بالضائع المتهضم
وذهب ابن مسعود إلى أن الهدي أثلاث، وقال جعفر بن محمد عن أبيه: أطعم الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ثلثا، والبائس الفقير ثلثا، وأهلي ثلثا، وقال ابن المسيب: ليس لصاحب الهدي منه إلا الربع وهذا كله على جهة الاستحسان لا على الفرض، ثم قال كَذلِكَ أي كما أمرناكم فيها بهذا كله سَخَّرْناها لَكُمْ، ولَعَلَّكُمْ، ترجّ في حقنا وبالإضافة إلى نظرنا، وقوله، يَنالَ عبارة مبالغة وتوكيد وهي بمعنى لن يرتفع عنده ويتحصل سبب ثواب، وقال ابن عباس إن أهل الجاهلية كانوا يضرجون البيت بالدماء فأراد المؤمنون فعل ذلك فنهى الله عن ذلك ونزلت هذه الآية، والمعنى ولكن ينال الرفعة عنده والتحصيل حسنة لديه، التَّقْوى، أي الإخلاص والطاعات، وقرأ مالك بن دينار والأعرج وابن يعمر والزهري، «تنال وتناله» ، بتاء فيهما، والتسمية والتكبير على الهدي والأضحية هو أن يقول الذابح باسم الله والله أكبر، وروي أن قوله وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ، نزلت في الخلفاء الأربعة حسبما تقدم في التي قبلها فأما ظاهر اللفظ فيقتضي العموم.