وَأَطِيعُوا أَمْرِي في ما ذكرته لكم وقرأت فرقة «إنما وإن ربكم الرحمن» بكسر الهمزتين، وقرأت فرقة «إنما» بالكسر «وأن» بالفتح، والقراءة الوسطى ضعيفة فقال بنوا إسرائيل حين وعظهم هارون وندبهم إلى الحق لَنْ نَبْرَحَ عابدين لهذا الإله، عاكِفِينَ عليه أي لازمين له والعكوف الانحناء على الشيء من شدة ملازمته ومنه قول الراجز:[الرجز] عكف النبيط يلعبون الفنزجا قوله عز وجل:
في سرد القصص اقتضاب يدل عليه ما ذكره تقديره فرجع موسى فوجد الأمر كما ذكره الله تعالى له فجعل يؤنب هارون بهذه المقالة، وقرأ الجمهور «تتبعن» بحذف الياء، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بإثباتها في الوصل ويقف ابن كثير بالياء وأبو عمرو بغير ياء، ويحتمل قوله أَلَّا تَتَّبِعَنِ أي بني إسرائيل نحو جبل الطور فيجيء اعتذار هارون أي لو فعلت ذلك مشت معي طائفة وأقامت طائفة على عبادة العجل فيتفرق الجمع فخفت لومك على التفرق، ويحتمل قوله أَلَّا تَتَّبِعَنِ أي لا تسير بسيري وعلى طريقتي في الإصلاح والتسديد ويجيء اعتذار هارون بمعنى أن الأمر كان متفاقما فلو تقويت عليه وقع القتال واختلاف الكلمة فكان تفريقا بين بني إسرائيل وإنما لا ينت جهدي. وقوله تعالى: أَلَّا تَتَّبِعَنِ بمعنى ما منعك أن تتبعني، واختلف الناس في وجه دخول «لا» فقالت فرقة هي زائدة، وذهب حذاق النحاة إلى أنها مؤكدة وأن في الكلام فعلا مقدرا كأنه قال ما منعك ذلك أو حضك أو نحو هذا على «أن لا تتبعن» ، وما قبل وما بعد يدل على هذا ويقتضيه. وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وحفص عن عاصم «يبنؤم» يحتمل أن يريد يا بن أما فحذف الألف تخفيفا ويحتمل أن يجعل الاسمين اسما واحدا وبناه كخمسة عشر، وقرأ ابن كثير عن عاصم وحمزة والكسائي «يا بن أم» بالكسر على حذف الياء تخفيفا وهو شاذ لأنها ليست كالياء في قولك يا غلامي وإنما هي كالياء في قولك يا غلام غلامي وهذه ياء لا تحذف، ويحتمل أن يجعل الاسمين اسما واحدا ثم أضاف إلى نفسه فحذف الياء كما تحذف من الأسماء المفردة إذا أضيفت نحو يا غلام، وقالت فرقة لم يكن هارون أخا موسى إلا من أمه ع وهذا ضعيف، وقالت فرقة كان شقيقه وإنما دعاه بالأم لأن التداعي بالأم أشفق وأشد استرحاما، وأخذ موسى عليه السلام بلحية هارون غضبا وكان حديد الخلق عليه السلام.