وقرأ الجمهور:«أوحي» على بناء الفعل للمفعول. وقرأ الضحاك:«أوحى» على الفعل المبني للفاعل، أي أوحى الله.
وقوله: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ يحتمل أن يريد وإنه لشرف وحمد في الدنيا. والقوم: على هذا قريش ثم العرب، وهذا قول ابن عباس وقتادة ومجاهد والسدي وابن زيد. قال ابن عباس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على القبائل، فإذا قالوا له: فلمن يكون الأمر بعدك؟ سكت حتى نزلت هذه الآية، فكان إذا سئل بعد ذلك، قال لقريش، فكانت العرب لا تقبل على ذلك حتى قبلته الأنصار وروي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لا يزال الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان» وروى أبو موسى الأشعري عنه صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الأمر في قريش ما زالوا، إذا حكوا عدلوا، وإذا استرحموا رحموا، وإذا عاهدوا وفوا، فمن لم يفعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» . وروى معاوية أنه عليه السلام قال:«لا يزال هذا الأمر في قريش ما أقاموا الدين» . ويحتمل أن يريد وإنه لتذكرة وموعظة، ف «القوم» على هذا أمة بأجمعها، وهذا قول الحسن بن أبي الحسن، وقوله: وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ قال ابن عباس وغيره معناه: عن أوامر القرآن ونواهيه: وقال الحسن بن أبي الحسن معناه: عن شكر النعمة فيه، واللفظ يحتمل هذا كله ويعمه.
واختلف المفسرون في المراد بالسؤال في قوله: وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا فقالت فرقة، أراد: أن اسأل جبريل، ذكر ذلك النقاش، وفيه بعد. وقال ابن زيد وابن جبير والزهري، أراد: واسأل الرسل إذا لقيتهم ليلة الإسراء، أما أن النبي عليه السلام لم يسأل الرسل ليلة الإسراء عن هذا، لأنه كان أثبت يقينا من ذلك ولم يكن في شك. وقالت فرقة، أراد: واسألني، أو واسألنا عمن أرسلنا، والأولى على هذا التأويل أن يكون:
مَنْ أَرْسَلْنا استفهاما أمره أن يسأل له، كأن سؤاله: يا رب من أرسلت قبلي من رسلك؟ أجعلت في رسالته الأمر بآلهة يعبدون؟ ثم ساق السؤال محكي المعنى، فرد المخاطبة إلى محمد عليه السلام في قوله:
مِنْ قَبْلِكَ. وقال ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة والسدي وعطاء، أراد: وسل تباع من أرسلنا وحملة شرائعهم، لأن المفهوم أنه لا سبيل إلى سؤاله الرسل إلا بالنظر في آثارهم وكتبهم وسؤال من حفظها.
وفي قراءة ابن مسعود وأبي بن كعب:«وسئل الذين أرسلنا إليهم رسلنا» ، فهذه القراءة تؤيد هذا المعنى، وكذلك قوله: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ [يوسف: ٨٢] مفهوم إنه لا يسأل إلا أهلها، ومما ينظر إلى هذا المعنى قوله تعالى: فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ [النساء: ٥٩] فمفهوم أن الرد إنما هو إلى كتاب الله وسنة رسوله، وأن المحاور في ذلك إنما هم تباعهم وحفظة الشرع.
وقوله: يُعْبَدُونَ أخرج ضميرهم على حد من يعقل مراعاة للفظ الآلهة.