وقوله: فَما أَبْقى ظاهره: فَما أَبْقى عليهم، وتأول ذلك بعضهم فَما أَبْقى منهم عينا تطرف، وقد قال ذلك الحجاج حين سمع قول من يقول إن ثقيفا من ثمود فأنكر ذلك وقال: إن الله تعالى قال: وَثَمُودَ فَما أَبْقى. وهؤلاء يقولون بقي منهم باقية.
نصب قَوْمَ نُوحٍ عطفا على «ثمود» وقوله: مِنْ قَبْلُ لأنهم كانوا أول أمة كذبت من أهل الأرض، ونُوحٍ أول الرسل، وجعلهم أَظْلَمَ وَأَطْغى: لأنهم سبقوا إلى التكذيب دون اقتداء بأحد قبلهم، وأيضا فإنهم كانوا في غاية من العتو، وكان عمر نوح قد طال في دعائهم، فكان الرجل يأتي إليه مع ابنه فيقول: أحذرك من هذا الرجل فإنه كذاب، ولقد حذرني منه أبي وأخبرني أن جدي حذره منه، فمشت على ذلك أخلافهم ألفا إلا خمسين عاما.
والْمُؤْتَفِكَةَ قرية قوم لوط بإجماع من المفسرين، ومعنى الْمُؤْتَفِكَةَ: المنقلبة لأنها أفكت فائتفكت، ومنه الإفك، لأنه قلب الحق كذبا، وقرأ الحسن بن أبي الحسن:«والمؤتفكات أهوى» على الجمع. وأَهْوى معناه: طرحها من هواء عال إلى أسفل، هذا ما روي من أن جبريل عليه السلام اقتلعها بجناحه حتى بلغ بها قرب السماء ثم حولها قلبها فهبط الجميع واتبعوا حجارة وهي التي غشاها الله تعالى.
وقوله: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى مخاطبة للإنسان الكافر، كأنه قيل له: هذا هو الله الذي له هذه الأفاعيل، وهو خالقك المنعم عليك بكل النعم، ففي أيها تشك. و: تَتَمارى معناه: تتشكك. وقرأ يعقوب «ربك تمّارى» بتاء واحدة مشددة. وقال أبو مالك الغفاري إن قوله: أَلَّا تَزِرُ [النجم: ٣٨] إلى قوله: تَتَمارى هو في صحف إبراهيم وموسى.
وقوله: هذا نَذِيرٌ يحتمل أن يشير إلى محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا قول قتادة وأبي جعفر ومحمد بن كعب القرظي، ويحتمل أن يشير إلى القرآن، وهو تأويل قوم، وقال أبو مالك: الإشارة بهذا النذير إلى ما سلف من الأخبار عن الأمم. و: نَذِيرٌ يحتمل أن يكون بناء اسم فاعل، ويحتمل أن يكون مصدرا، ونذر جمع نذير. وقال الْأُولى بمعنى أنه في الرتبة والمنزلة والأوصاف من تلك المتقدمة، والأشبه أن تكون الإشارة إلى محمد.
وقوله: أَزِفَتِ معناه: قربت القريبة. و: الْآزِفَةُ عبارة عن القيامة بإجماع من المفسرين.