تقدم القول في الحروف المقطعة في أوائل السور، وكل الأقوال مترتب هاهنا، وعلى القول بأنها حروف من أسماء الله تعالى فالأسماء هنا لطيف وسميع وكونها إشارة إلى نوع حروف المعجم أبين الأقوال، وعطف «الكتاب» على الْقُرْآنِ وهما لمسمى واحد من حيث هما صفتان لمعنيين، فالقرآن لأنه اجتمع والكتاب لأنه يكتب، وقرأ ابن أبي عبلة «وكتاب مبين» بالرفع، وقوله هُدىً وَبُشْرى يحتمل أن يكون في موضع نصب على المصدر، ويحتمل أن يكون في موضع رفع على خبر ابتداء مضمر تقديره ذلك هُدىً وَبُشْرى. ثم وصف تعالى المؤمنين بالأوصاف الخليقة بهم، وإقامة الصلاة إدامتها وأداؤها على وجهها، والزَّكاةَ هنا يحتمل أن- تكون غير المفروضة لأن السورة مكية قديمة، ويحتمل أن تكون المفروضة من غير تفسير، وقيل الزَّكاةَ هنا بمعنى الطهارة من النقائص وملازمة مكارم الأخلاق، وتكرار الضمير في قوله وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ للتأكيد، ثم ذكر تعالى الكفرة الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بالبعث، والإشارة إلى قريش، وقوله زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ يحتمل أن يريد أنه تعالى جعل عقابهم على كفرهم أن حتم عليهم الكفر وحبب إليهم الشرك، وزينه بإن خلقه واخترعه في نفوسهم، ومع ذلك اكتسابهم وحرصهم، وهذا على أن تكون الأعمال المزينة كفرهم وطغيانهم ويحتمل أن الأعمال المزينة هي الشريعة التي كان الواجب أن تكون أعمالهم، فأخبر الله تعالى على جهة الذكر لنقصهم أنه بفضله ونعمته زين الدين وبينه، ورسم الأعمال والتوحيد لكن هؤلاء يَعْمَهُونَ، ويعرضون، والعمه الحيرة والتردد في الضلال، ثم توعدهم تعالى ب سُوءُ الْعَذابِ، فمن ناله شيء في الدنيا بقي عليه عذاب الآخرة.
ومن لم ينله عذاب الدنيا كان سوء عذابه في موته وفيما بعده، والْأَخْسَرُونَ جمع أخسري لأن أفعل صفة لا يجمع إلا أن يضاف فتقوى رتبته في الأسماء.